×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

فَهَذِهِ خمسة مَوَاضِع فِي فاتحة الكتاب يفيد كلَّ مِنْهَا إِخْلاَص التَّوْحِيد، مَعَ أن فاتحة الكتاب لَيْسَت إلاَّ سَبْعَ آياتٍ، فما ظَنُّكَ بما فِي سَائِر الكتاب العَزِيز، فَذِكْرُنَا لهذه الخَمْسَة المَوَاضِع فِي فاتحة الكتاب كالبرهان عَلَى ما ذَكَرْنَاهُ من أن فِي الكتاب العَزِيز من ذَلِكَ ما يطول تعداده، وتتعسر الإِحَاطَة به.

ومما يَصلح أن يَكُون موضعًا سادسًا لتلك المَوَاضِع الخَمْسَة فِي فاتحة الكتاب قَوْله: ﴿رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [الفاتحة: 2]، وَقَد تَقَرَّرَ لغةً وشرعًا أن العَالَم ما سوى الله سبحانه وتعالى. وصِيَغ الحَصْر إِذا تَتَبَّعْتَهَا من كُتُب المعاني والبيان والتفسير وَالأُصُول بَلَغَت ثَلاَث عَشَرَة صيغة فصاعدًا، ومَن يَشُكُّ فِي هَذَا فَلْيَتَتَبَّعْ كَشَّافَ الزمخشريِّ، فإنه سَيَجِدُ فيه ما لَيْسَ لَهُ ذِكر فِي كُتب المعاني والبيان؛ كالقلب، فإنه جَعَلَهُ من مُقتَضَيَات الحَصْر، ولعله ذَكَرَ ذَلِكَ عِنْدَ تفسيره لِلطَّاغُوتِ، وغير ذَلِكَ مِمَّا لا يَقْتَضِي المقامُ بَسْطَهُ.

وَمَعَ الإِحَاطَة بِصِيَغِ الحَصْر المَذْكُورَة تَكثُر الأَدِلَّةُ الدالةُ عَلَى إِخْلاَص التَّوْحِيد، وإبطال الشِّرْك بجميع أقسامه.

****

  قَوْله: «فما ظَنُّكَ بما فِي سَائِر الكتاب العَزِيز» فالقرآن لا يُحاط بِمَعَانِيهِ، لَكِن كلٌّ يَأْخُذ عَلَى قَدْرِ ما أَعْطَاهُ الله عز وجل من العِلْم.

قَوْله: «ومَن شَكَّ فِي هَذَا فَلْيَتَتَبَّعْ «كَشَّافَ الزَّمَخْشَرِيِّ»»؛ أي: تفسير الزمخشري، فَفِيهِ بدائعُ من المعاني والنكات اللغوية والبلاغية يُستفاد مِنْهَا، أَمَّا فِي أمر العَقِيدَة فَهُوَ مُعْتَزِلِيٌّ.


الشرح