ولعل هذا القول أولى؛ لأن تخطى المسجد الذي يليه
إلى غيره ذريعة إلى هجر المسجد الذي يليه، وإحراج لإمامه، بحيث يُساء به الظن.
ومن أحكام صلاة
الجماعة: أنه يحرم أن يؤم الجماعة في المسجد أحد غير إمامه الراتب، إلا بإذنه أو
عذره؛ ففي «صحيح مسلم» وغيره: «وَلاَ يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي
سُلْطَانِهِ، إِلاَّ بِإِذْنِهِ» ([1])، قال النووي: «معناه
أن صاحب البيت والمجلس وإمام المسجد أحق من غيره» ([2])، ولأن في ذلك إساءة
إلى إمام المسجد الراتب، وتنفيرًا عنه، وتفريقًا بين المسلمين.
وذهب بعض العلماء
إلى أنه إذا صلى بجماعة المسجد غير إمامه الراتب بدون إذنه أو عذر شرعي، أنها لا
تصح صلاتهم، مما يدل على خطورة هذه المسألة، فلا ينبغي التساهل في شأنها، ويجب على
جماعة المسلمين أن يراعوا حق إمامهم، ولا يتعدوا عليه في صلاحيته، كما يجب على
إمام المسجد أن يحترم حق المأمومين ولا يحرجهم.
وهكذا؛ كل يراعي حق الآخر، حتى يحصل الوئام والتآلف بين الإمام والمأمومين، فإن تأخر الإمام عن الحضور وضاق الوقت، صلوا، لفعل أبي بكر الصديق وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما حين غاب النبي صلى الله عليه وسلم في ذهابه إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فصلى أبو بكر رضي الله عنه، وصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس لما تخلف النبي صلى الله عليه وسلم في واقعة أخرى، وصلى معه النبي صلى الله عليه وسلم الركعة الأخيرة، ثم أتم صلاته وقال: «أَحْسَنْتُمْ» ([3]).
([1])رواه مسلم: في كتاب: (المساجد ومواضع الصلاة)، باب: « من أحق بالإمامة » (673).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد