×
الملخص الفقهي الجزء الأول

وإذا حل الدين الذي به رهن وجب على المدين تسديده كالدين الذي لا رهن به؛ لأن هذا مقتضى العقد بينهما، قال الله تعالى: ﴿فَلۡيُؤَدِّ ٱلَّذِي ٱؤۡتُمِنَ أَمَٰنَتَهُۥ وَلۡيَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُۥۗ [البقرة: 283]، فإن امتنع من الوفاء؛ صار مماطلاً، وحينئذ يجبره الحاكم على وفاء الدَّين، فإن امتنع؛ حبسه وعزره حتى يوفي ما عليه من الدين من عنده، أو يبيع الرهن ويسدد من قيمته، فإن امتنع، فإن الحاكم يبيع الرهن، ويوفي الدين من ثمنه، لأنه حق وجب على المدين، فقام الحاكم مقامه عند امتناعه، ولأن الرهن وثيقة للدين ليباع عند حلوله، وإن فضل من ثمنه شيء عن الدين، فهو لمالكه، يرد عليه، لأنه ماله، وإن بقي من الدين شيء لم يغطه ثمن الرهن؛ فهو في ذمة الراهن، يجب عليه تسديده.

ومن أحكام الرهن أنه إذا كان حيوانًا يحتاج إلى نفقة وكان في قبضة المرتهن؛ فإن الشارع الحكيم رخص له أن يركبه وينفق عليه إن كان يصلح للركوب، ويحلبه وينفق عليه إن كان يصلح للحلب، قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «الظَّهْرُ يُرْكَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَلَبَنُ الدَّرِّ يُشْرَبُ بِنَفَقَتِهِ إِذَا كَانَ مَرْهُونًا، وَعَلَى الَّذِي يَرْكَبُ وَيَشْرَبُ النَّفَقَةُ» رواه البخاري ([1])، أي: ويجب على الذي يركب الظّهر ويشرب اللبن النفقة في مقابلة انتفاعه، وما زاد عما يقابل النفقة من المنفعتين يكون لمالكه.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله ([2]): «دل الحديث وقواعد الشريعة وأصولها على أن الحيوان المرهون محترم في نفسه لحق الله تعالى، وللمالك فيه حق المِلك، وللمرتهن حق الوثيقة، فإذا كان بيده،


الشرح

([1])رواه البخاري: في كتاب: (الرهن)، باب: « الرهن مركوب ومحلوب » (2377).

([2])« إعلام الموقعين » (2/ 42).