لنفسه عن التبذل والمخاصمات؛ لأن ذوي النفوس
الشريفة يأنفون من ذلك، ويصعب عليهم، فيدفعون المال للإبراء من ذلك، فلو وجد فيما
صالح به عيبًا؛ لم يستحق رده به؛ ولا يؤخذ بالشفعة؛ لأنه لا يعتقد عوضًا عن شيء،
وإن كذب أحد المتصالحين في الصلح عن الإنكار؛ كأن يكذب المدعي، فيدعي شيئًا يعلم
أنه ليس له، أو يكذب المنكر في إنكاره ما ادعي به عليه، وهو يعلم أنه عليه، ويعلم
بكذب نفسه في إنكاره، إذا حصل شيء من هذا الكذب من جانب المدعي أو المنكر؛ فالصلح
باطل في حق الكاذب منهما باطنًا؛ لأنه عالم بالحق، قادر على إيصاله لمستحقه، وغير
معتقد أنه محق في تصرفه، فما أخذه بموجب هذا الصلح حرام عليه؛ لأنه أخذه ظلمًا
وعدوانًا، لا عوضًا عن حق يعلمه، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ﴾ [البَقَرَة: 188]،
وإن كان هذا الصلح فيما يظهر للناس صحيح، لأنهم لا يعلمون باطن الحال، لكن ذلك لا
يغير من الحقيقة شيئًا عند من لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، فعلى
المسلم أن يبتعد عن مثل هذا التصرف السيئ والاحتيال الباطل.
ومن مسائل الصلح عن
الإنكار أنه لو صالح عن المنكر أجنبي بغير إذنه، صحّ الصلح في ذلك؛ لأن الأجنبي
يقصد بذلك إبراء المدعى عليه وقطع الخصومة عنه؛ فهو كما لو قضى عنه دينه، لكن لا
يطالبه بشيء مما دفع؛ لأنه لا يستحق الرجوع عليه به؛ لأنه متبرع.
ويصح الصلح عن الحق المجهول سواء كان لكل منهما على الآخر أو كان لأحدهما، إذا كان هذا المجهول يتعذر علمه، كحساب بينهما مضى عليه زمن طويل، ولا علم لكل منهما عما عليه لصاحبه؛
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد