×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الرابع

وَفِيهِ: دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْ إقَامَةً.

النبي صلى الله عليه وسلم خرج غازيًا في رمضان إلى مكة، وفتحها الله عليه، وأقام فيها ينظم أمورها ثمانية عشر يومًا، وهو يقصر الصلاة؛ لأنه لم ينو إقامة محددة، إنها أقام لقضاء حاجة، ومع هذا قال لأهل مكة: «يَا أَهْلَ الْبَلْدَةِ صَلُّوا أَرْبَعًا فَإِنَّا سَفْرٌ»، فهذا فيه دليل على جواز صلاة المقيم خلف المسافر الذي يقصر، وأن المقيم يتم إذا سلم الإمام.

قوله رحمه الله: «وفيه: دليل على أنه لم يجمع إقامةً»، يعني: لم ينو إقامة؛ لأنه أقام بمكة بعد الفتح، لماذا؟ أقام في مكة يتجهز لغزوة حنين؛ لأن أهل حنين لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، خافوا من الرسول صلى الله عليه وسلم، قبيلة هوازن في الطائف وما حولها، التي تسمى عتيبة الآن، لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، خافوا على أنفسهم أنه يغزوهم، فاجتمعوا على غزو الرسول صلى الله عليه وسلم، فلما علم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، جعل يجهز لغزوهم وصدهم، فهو صلى الله عليه وسلم لم ينو إقامة، وإنما أقام لأجل التجهيز للغزوة - غزوة حنين -، وهي بعد فتح مكة، فخرج إليهم صلى الله عليه وسلم بجيش عظيم من أهل مكة وغيرهم، والتقوا في وادٍ يقال له: حنين، بين مكة والطائف، وصار على المسلمين في أول الأمر مضايقة من الكفار، وحصل قتل في المسلمين وشدة؛ ﴿لَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٖ وَيَوۡمَ حُنَيۡنٍ إِذۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡ كَثۡرَتُكُمۡ فَلَمۡ تُغۡنِ عَنكُمۡ شَيۡ‍ٔٗا وَضَاقَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ ثُمَّ وَلَّيۡتُم مُّدۡبِرِينَ ٢٥ ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ [التوبة: 25 - 26]، وهم الملائكة، فأعادوا الكرة على هوازن، فنصرهم الله


الشرح