×
الاختصار في التعليق على منتقى الأخبار الجزء الرابع

وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّ إلاَّ نَفْسَهُ، وَلاَ يَضُرُّ اللَّهَ شَيْئًا» ([1]). 

﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلَا تُبۡطِلُوٓاْ أَعۡمَٰلَكُمۡ [محمد: 33]، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ [النساء: 59].

«وَمَنْ يَعْصِهِمَا»، جمعهما في ضمير واحد، فدل على جواز جمعها في ضمير واحد، ولم يقل: ومن يعص الله ورسوله. ولكن النبي صلى الله عليه وسلم سمع خطيبًا قَالَ: مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ، فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا، فَقَدْ غَوَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بِئْسَ الْخَطِيبُ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ» ([2]).

فهذا دليل: على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنكر عليه هذا؟ قالوا: لأن المقامات تختلف، إذا كان الحاضرون يفهمون، فلا بأس أن يجمع بينهما، أما إذا كان الحاضرون يجهلون هذا، فإنه لا بد أن يفصل هذا لهم؛ فيقال: «وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ»؛ لئلا يفهموا أنه لا تكون المعصية إلا إذا عصى الله ورسوله معًا، أما إذا عصى الله وحده، أو عصى الرسول وحده، لا تكون معصية، فيفصل لهم إذا كانوا يحتاجون لذلك.

«وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّ إلاَّ نَفْسَهُ، وَلاَ يَضُرُّ اللَّهَ تعالى شَيْئًا»، لا يضر إلا نفسه في معصيته الله والرسول صلى الله عليه وسلم، لا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله جل وعلا ولا يضر الرسول صلى الله عليه وسلم، إنما يضر نفسه بمعصيته لله ورسوله.


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (1097).

([2])أخرجه: مسلم رقم (870) من حديث عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه.