«أَلاَ هَلْ بَلَّغْتُ؟» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ»؛ «فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ» معناه: الغائب الذي لم يأت بعد، وهذا فيه: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحمل السنة، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وتبليغها للناس الذي حضر والذي لم يحضر.
الشاهد الحاضر يبلغ الغائب
إلى يوم القيامة، هذا فيه دليل على العناية بالسنة، وحفظ السنة، ورواية الأحاديث،
والعناية بها، وتبليغها للناس.
«فَرُبَّ مُبَلَّغٍ
أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ»، يعني: أفقه، ربما يكون المبلغ أفقه من السامع، يكون
المبلغ أفقه لما رُوِي من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن العلماء على قسمين:
علماء الرواية، وعلماء الدراية.
علماء الرواية: هم الذين اعتنوا
بالسنة، وحفظوها، ودافعوا عنها، وردوا ما أدخل فيها من الكذب ومن الوضع، حافظوا
عليها، وهذا فضل عظىم.
والنوع الثاني علماء
الدراية: الفقهاء الذين تفقهوا في هذه الأحاديث، واستخرجوا ما فيها من الأحكام،
وهؤلاء يسمون فقهاء الحديث، والصنف الأول حفاظ الحديث.
النبي صلى الله عليه
وسلم شبه الحفاظ بأنهم مثل الأرض التي تحفظ الماء للناس، فيسقون، ويرتوون منها،
هؤلاء هم الحفاظ، وشبه الفقهاء بالذين يزرعون، ويستفيدون من هذه المياه؛ يذكرون ما
فيها من فقه ومن بىان ومعانٍ عظيمه، وهذا يسمى علم الدراية وعلم الفقه.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد