×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

وإن حصل خوف، أو أراد المودع أن يسافر، فإنه يجب عليه رد الوديعة إلى صاحبها أو وكيله، فإن لم يجد صاحبها ولا وكيله؛ فإنه يحملها معه في السفر إذا كان ذلك أحفظ لها، فإن لم يكن السفر أحفظ لها؛ دفعها إلى الحاكم؛ لأن الحاكم يقوم مقام صاحبها عند غيبته، فإن لم يمكن إيداعها عند الحاكم؛ أودعها عند ثقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يهاجر؛ أودع الودائع التي كانت عنده لأم أيمن رضي الله عنها، وأمر عليًا أن يردها إلى أهلها، وكذا من حضره الموت وعنده ودائع للناس، فإنه يجب عليه ردها إلى أصحابها، فإن لم يجدهم؛ أودعها عند الحاكم أو عند ثقة.

والتعدي على الوديعة يوجب ضمانها إذا تلفت؛ كما لو أودع دابة فركبها لغير علفها أو سقيها، أو أودع ثوبًا فلبسه لغير خوف من عثٍّ، وكما لو أودع دراهم في حرز فأخرجها من حرزها، أو كانت مشدودة فأزال الشّد عنها، فإنه يضمن الوديعة إذا تلفت في هذه الحالات؛ لأنه قد تعدى بتصرفه هذا.

والمودع أمين يقبل قوله إذا ادعى أنه ردها إلى صاحبها أو من يقوم مقامه، ويقبل قوله أيضًا إذا ادعى أنها تلفت من غير تفريطه مع يمينه؛ لأنه أمين؛ لأن الله تعالى سماها أمانة بقوله: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا [النِّسَاء: 58]، والأصل براءته إذا لم تقم قرينة على كذبه، وكذا لو ادعى تلفها بحادث ظاهر كالحريق؛ فإنه لا يقبل قوله إلا إذا أقام بينة على وجود ذلك الحادث.

ولو طلب منه صاحب الوديعة ردها إليه، فتأخر من غير عذر حتى تلفت؛ ضمنها؛ لأنه فعل محرمًا بإمساكها بعد طلب صاحبها لها، والله أعلم.

***


الشرح