×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

 باب في أحكام الجَعَالَة

وتسمى: الجُعْل والجِعَال والجَعِيلَة أيضًا، وهي ما يُعطاه الإنسان على أمر يفعله؛ كأن يقول: من فعل كذا؛ فله كذا من المال، بأن يجعل شيئًا معلومًا من المال لمن يعمل له عملاً معلومًا، كبناء حائط.

ودليل جواز ذلك قوله تعالى: ﴿وَلِمَن جَآءَ بِهِۦ حِمۡلُ بَعِيرٖ وَأَنَا۠ بِهِۦ زَعِيمِٞ [يُوسُف: 72]، أي: لمن دل على سارق صواع الملك حمل بعير، وهذا جعل، فدلت الآية على جواز الجعالة.

ودليلها من السنة حديث اللديغ، وهو في «الصحيحين» وغيرهما من حديث أبي سعيد، أنهم نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم، فأبوا، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، فأتوهم، فقالوا: هل عند أحد منكم من شيء؛ قال بعضهم: إني والله لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا؛ فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً. فصالحوهم على قطيع من غنم، فانطلق ينفث عليه ويقرأ: ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [الفاتحة]، فكأنما نشط من عقال، فأوفوهم جعلهم، وقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك له، فقال: «قَدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا» ([1]).

فمن عمل العمل الذي جعلت عليه الجعالة بعد علمه بها استحق الجعل؛ لأن العقد استقر بتمام العمل، وإن قام بالعمل جماعة؛ اقتسموا الجعل الذي عليه بالسوية؛ لأنهم اشتركوا في العمل الذي يستحق به


الشرح

([1])  رواه البخاري: في كتاب: (الإجارة)، باب: « ما يعطى في الرقية على أحياء العرب بفاتحة الكتاب » (2156)، ومسلم: في كتاب: (السلام)، باب: « جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار » (2201).