×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

 باب في أحكام الهِبة والعَطية

الهبة: هي التبرع من جائز التصرف في حياته لغيره بمال معلوم.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يهدِي ويهدَى إليه، ويعطِي ويعطَى؛ فالهبة والهدية من السنة المرغب فيها لما يترتب عليها من المصالح، قال صلى الله عليه وسلم: «تَهَادَوا تَحَابُّوا» ([1])، وعن عائشة رضي الله عنها؛ قالت: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا» ([2]) وقال صلى الله عليه وسلم: «تَهَادَوْا، فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تَسُلُّ السَّخِيمَةَ» ([3]).

وتلزم الهبة إذا قبضها الموهوب له بإذن الواهب فليس له الرجوع فيها، أما قبل القبض؛ فله الرجوع، بدليل حديث عائشة رضي الله عنها: «إِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ نَحَلَهَا جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْغَابَةِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ مَا مِنَ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبُّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ، وَلاَ أَعَزُّ عَلَيَّ فَقْرًا بَعْدِي مِنْكِ، وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ جَادَّ عِشْرِينَ وَسْقًا فَلَوْ كُنْتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ، وَإِنَّمَا هُمَا أَخَوَاكِ وَأُخْتَاكِ فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ» ([4]).

وإن كانت الهبة في يد المُتَّهب وديعة أو عارية، فوهبها له؛ فاستدامته لها تكفي عن قبضها ابتداء.


الشرح

([1])  رواه البيهقي (11726)، والبخاري في « الأدب المفرد » (594)، وأبو يعلى (6148)، وابن عدي (4/104).

([2])  رواه البخاري: في كتاب: (الهبة وفضلها)، باب: « المكافأة في الهبة » (2445).

([3])  رواه الطبراني في « الأوسط » (1526).

([4])  في رواه مالك « الموطأ » (1438)، والطحاوي في « شرح معاني الآثار » (4/88).