باب في أحكام القِصَاص
أجمع العلماء على
مشروعية القصاص في القتل العمد إذا توفرت شروطه؛ لقوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِصَاصُ فِي ٱلۡقَتۡلَىۖ ٱلۡحُرُّ بِٱلۡحُرِّ وَٱلۡعَبۡدُ
بِٱلۡعَبۡدِ وَٱلۡأُنثَىٰ بِٱلۡأُنثَىٰۚ﴾ [البَقَرَة: 178]، وقوله
تعالى: ﴿وَكَتَبۡنَا
عَلَيۡهِمۡ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفۡسَ بِٱلنَّفۡسِ﴾ [المَائدة: 45]،
وهذا في شريعة التوراة، وشرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه، وقال
تعالى: ﴿وَلَكُمۡ
فِي ٱلۡقِصَاصِ حَيَوٰةٞ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [البَقَرَة: 179].
قال الإمام الشوكاني
رحمه الله: «أي لكم في هذا الحكم الذي شرعه الله لكم حياة؛ لأن الرجل إذا علم أنه
يقتل قصاصًا إذا قتل آخر؛ كف عن القتل، وانزجر عن التسرع إليه والوقوع فيه، فيكون
ذلك بمنزلة الحياة للنفوس الإنسانية، وهذا نوع من البلاغة بليغ، وجنس من الفصاحة
رفيع؛ فإنه جعل القصاص الذي هو موت حياة باعتبار ما يؤول إليه من ارتداع الناس عن
قتل بعضهم بعضًا؛ إبقاء على أنفسهم، واستدامة لحياتهم، وجعل هذا الخطاب موجهًا إلى
أولي الألباب؛ لأنهم هم الذين ينظرون في العواقب، ويتحامون ما فيه الضرر الآجل،
وأما من كان مصابًا بالحمق والطيش والخفة؛ فإنه لا ينظر عند سورة غضبه وغليان
مراجل طيشه إلى عاقبة، ولا يفكر في أمر مستقبل؛ كما قال بعض فتاكهم:
سأغسل عني العار بالسيف جالبا *** عـلي قضاء الله ما كان جالبا
ثم علل سبحانه هذا الحكم الذي شرعه لعباده بقوله﴿لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ أي: تتحامون القتل بالمحافظة على القصاص، فيكون ذلك سببًا للتقوى...» انتهى.
الصفحة 1 / 548
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد