فِيهَاۚ وَذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ١٣ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ
وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُۥ يُدۡخِلۡهُ نَارًا خَٰلِدٗا فِيهَا وَلَهُۥ عَذَابٞ
مُّهِينٞ ١٤﴾ [النِّسَاء: 13-14]. قال الإمام الشوكاني رحمه الله في «تفسيره»:
«والإشارة بقوله:﴿تِلۡكَ﴾ إلى الأحكام المتقدمة -يعنى: في المواريث-، وسماها
حدودًا، لكونها لا تجوز مجاوزتها ولا يحل تعديها، ومن يطع الله ورسوله في قسمة
المواريث وغيرها من الأحكام الشرعية كما يفيده عموم اللفظ؛ يدخله جنات تجري من
تحتها الأنهار إلى أن قال: وأخرج ابن ماجه ([1]) عن أنس؛ قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَرَّ مِنْ مِيرَاثِ وَارِثِهِ، قَطَعَ
الله مِيرَاثَهُ مِنَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» انتهى.
فمن تصرف في
المواريث عن مجراها الشرعي، فورث غير وارث، أو حرم الوارث من كل حقه أو بعضه، أو
ساوى بين الرجل والمرأة في الميراث؛ كما في بعض الأنظمة القانونية الكفرية؛
مخالفًا بذلك حكم الله في جعله للذكر مثل حظ الأنثيين؛ فهو كافر مخلد في النار
والعياذ بالله، إلا أن يتوب إلى الله قبل موته.
إن أهل الجاهلية كانوا يحرمون النساء والصغار من الميراث، ويجعلونه للذكور الكبار الذين يركبون الخيل ويحملون السلاح، فجاء الإسلام بإبطال ذلك، وقال الله تعالى: ﴿لِّلرِّجَالِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ وَلِلنِّسَآءِ نَصِيبٞ مِّمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنۡهُ أَوۡ كَثُرَۚ نَصِيبٗا مَّفۡرُوضٗا﴾ [النِّسَاء: 7]، وهذا لدفع ما كانت عليه الجاهلية من عدم توريث النساء والصغار، وفي قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ ٱللَّهُ فِيٓ أَوۡلَٰدِكُمۡۖ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۚ﴾ [النِّسَاء: 11]، وفي قوله: ﴿وَإِن كَانُوٓاْ إِخۡوَةٗ رِّجَالٗا وَنِسَآءٗ
([1]) رواه ابن ماجه: في كتاب: (الوصايا)، باب: « الحيف في الوصية » (2703).