×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

الشرط الثاني: أن لا يترافعوا إلينا، فإن ترافعوا لم نقرهم عليه؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنِ ٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ [المَائدة: 49].

فإذا اعتقدوا صحة نكاحهم في شرعهم، ولم يترافعوا إلينا لم نتعرض لهم؛ بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر ([1])، ولم يعترض عليهم في أنكحتهم مع علمه أنهم يستبيحون محارمهم، وأسلم خلق كثير في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فأقرهم على أنكحتهم، ولم يكشف عن كيفيتها.

وإن أتونا قبل عقد نكاحهم؛ عقدناه على حكم ديننا؛ بإيجاب وقبول وولي وشاهدي عدل منا؛ قال تعالى: ﴿وَإِنۡ حَكَمۡتَ فَٱحۡكُم بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِۚ [المَائدة: 42].

أما إن أتونا بعد عقد النكاح فيما بينهم، فإننا لا نتعرض لكيفية صدوره.

وكذلك إذا أسلم الزوجان على نكاح؛ فإننا لا نتعرض لكيفية صدوره وتوفر شروطه فيما سبق، لكننا ننظر فيه وقت الترافع أو وقت إسلامهم، فإن كانت الزوجة تباح في هذا الوقت لعدم الموانع الشرعية، أقرا على نكاحهما، لأن ابتداء النكاح حينئذ لا مانع منه؛ فلا مانع من استدامته، وإن كانت الزوجة في هذا الوقت الذي ترافعا أو أسلما فيه لا يباح ابتداء العقد له عليها؛ فرق بينهما، لأن منع ابتداء العقد يمنع من استدامته، وإن كان المهر الذي سمي لها في حال الكفر صحيحًا أخذته، لأنه وجب بالعقد، ولا مانع من استيفائها له، وإن كان فاسدًا -كالخمر والخنزير-: فإن كانت قبضته؛ فقد استقر، وليس لها غيره، لأنها قبضته بحكم الشرك، فبرئت ذمة من هو عليه منه، ولأن في التعرض له مشقة وتنفير عن الإسلام، فيعفى عنه كما عفي عن غيره من الأعمال الكفرية، وإن لم تكن


الشرح

([1]رواه البخاري: في كتاب: (الجزية والموادعة)، باب: « الجزية والموادعة مع أهل الذمة والحرب » (2987).