×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

على شرب مسكر، أو أخذ بنْجًا ونحوه لتداوٍ؛ فكل هؤلاء لا يقع طلاقهم إذا تلفظوا به في حال زوال العقل بسبب من هذه الأسباب؛ لقول علي رضي الله عنه: «كُلُّ الطَّلاَقِ جَائِزٌ إِلاَّ طَلاَقَ الْمَعْتُوهِ»، ذكره البخاري في «صحيحه» ([1])، ولأن العقل هو مناط الأحكام.

وأما إن زال عقله بتعاطيه مسكرًا، وكان ذلك باختياره، ثم طلق في هذه الحال؛ ففي وقوع طلاقه خلاف بين أهل العلم على قولين: أحدهما: أنه يقع، وهو قول الأئمة الأربعة وجمع من أهل العلم.

وإن أكره على الطلاق ظلمًا، فطلق لرفع الإكراه والظلم؛ لم يقع طلاقه؛ لحديث: «لاَ طَلاَقَ وَلاَ عَتَاقَ فِي إِغْلاَقٍ» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه ([2])، والإغلاق: الإكراه، ولقوله تعالى: ﴿مَن كَفَرَ بِٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِهِۦٓ إِلَّا مَنۡ أُكۡرِهَ وَقَلۡبُهُۥ مُطۡمَئِنُّۢ بِٱلۡإِيمَٰنِ [النّحل: 106]، والكفر أعظم من الطلاق، وقد عفي عن المكره عليه؛ فالطلاق من باب أولى، فإن كان الإكراه على الطلاق بحق كالمؤلي إذا أبى الفيئة؛ وقع طلاقه.

ويقع الطلاق من الغضبان الذي يتصور ما يقول، أما الغضبان الذي أخذه الغضب، فلم يدر ما يقول؛ فإنه لا يقع طلاقه.

ويقع الطلاق من الهازل؛ لأنه قصد التكلم به، وإن لم يقصد إيقاعه. والله أعلم.

***


الشرح

([1])  علقه البخاري: في كتاب: (الطلاق)، باب: « الطلاق في الإغلاق والكره والسكران » رقم (10)ووصله البيهقي(2696).

([2])  رواه أحمد (26403)، وأبو داود (2193)، وابن ماجه (2046)، والحاكم (2802)، وقال: صحيح على شرط مسلم، والبيهقي (14874)، وابن أبي شيبة (18038)، والدارقطني (4/36).