×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

فإذا تزوجت الأم؛ انتقلت الحضانة منها إلى غيرها، وسقط حقها فيها؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاءته امرأة، فقالت: يا رسول الله! إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينزعه مني؟ فقال: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ، مَا لَمْ تَنْكِحِي» رواه أحمد وأبو داود والحاكم ([1])، وصححه؛ فدل الحديث على أن الأم أحق بحضانة ولدها إذا طلقها أبوه وأراد انتزاعه منها، وأنها إذا تزوجت؛ سقط حقها من الحضانة.

وتقديم الأم في حضانة ولدها لأنها أشفق عليه وأقرب إليه، ولا يشاركها في القرب إلا أبوه، وليس له مثل شفقتها، ولا يتولى الحضانة بنفسه، وإنما يدفعه إلى امرأته، وأمه أولى به من امرأة أبيه، وقال ابن عباس لرجل: «ريحها وفراشها وحجرها خير له منك حتى يشب ويختار لنفسه» ([2]).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ([3]): «الأم أصلح من الأب؛ لأنها أوثق بالصغير، وأخبر بتغذيته وحمله وتنويمه وتنويله، وأخبر وأرحم به، فهي أقدر وأخبر وأصبر في هذا الموضع؛ فتعينت في حق الطفل غير المميز بالشرع» انتهى.

ثم بعد سقوط حق الأم للحضانة تنتقل إلى أمهاتها جدات الطفل القربى فالقربى؛ لأنهن في معنى الأم؛ لتحقق ولادتهن وشفقتهن على المحضون أكمل من غيرهن.


الشرح

([1])  رواه أبو داود: في كتاب: (الطلاق) (2276)، وأحمد (6707)، والبيهقي (15541)، والحاكم (2830)، وقال: صحيح الإسناد.

([2])  رواه عبدالرزاق في « مصنفه » (12601).

([3])  « مجموع الفتاوى » (24/ 122).