×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

ويشترط لقتل الجماعة بالواحد أن يصلح فعل كل واحد منهم للقتل لو انفرد، وذلك بأن يباشر الجميع القتل، ويكون فعل كل واحد منهم قاتلاً لو انفرد.

فإن لم يصح فعل كل واحد منهم للقتل لو انفرد، وكانوا قد تمالئوا وتواطئوا على قتل المجني عليه؛ وجب القصاص منهم جميعًا؛ لأن غير المباشر صار ردءًا للمباشر.

ومن أكره شخصًا على قتل آخر، فقتله وجب القصاص على المكرِه والمكرَه إذا توفرت شروطه؛ لأن القاتل قصد استبقاء نفسه بقتل غيره، والمكره تسبب إلى القتل بما يفضي إليه غالبًا.

ومن أمر صغيرًا أو مجنونًا بقتل شخص، فقتله وجب القصاص على الآمر وحده؛ لأن المأمور آلة للآمر، ولا يمكن إيجاب القصاص عليه، فوجب أن يكون على المتسبب به.

وكذا إذا كان المأمور مكلفًا -أي: بالغًا عاقلاً-، لكنه يجهل تحريم القتل؛ كمن نشأ بغير بلاد الإسلام، فيجب القصاص على الآمر؛ لتعذره في حق المأمور لجهله، فيكون على المتسبب به.

وأما إن كان المأمور بالغًا عاقلاً لا يجهل التحريم؛ فإنه يجب القصاص عليه؛ لمباشرته القتل بغير حق، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ» ([1]) سواء كان الآمر سلطانًا أو سيدًا أو غير ذلك، ويكون على الآمر في هذه الحالة التعزير بما يراه الإمام، لأنه ارتكب معصية، وليرتدع عن ذلك.


الشرح

([1])  انظر: البخاري في كتاب: (التمني)، باب: « ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق » (6830)، ومسلم: في كتاب: (الإمارة)، باب: « وجوب طاعة الأمراء في غير معصية وتحريمها في المعصية » (1840).