وقال رحمه الله ([1]): «ولا يجوز أن يؤخذ
من السارق والزاني والشارب وقاطع الطريق ونحوه مال تعطل به الحد لا لبيت المال ولا
لغيره، وهذا المال المأخوذ لتعطيل الحد سحت خبيث، وإذا فعل ولي الأمر ذلك جمع بين
فسادين عظيمين: تعطيل الحد وأكل السحت وترك الواجب وفعل المحرم، وأجمعوا على أن
المال المأخوذ من الزاني والسارق والشارب والمحارب ونحو ذلك لتعطيل الحد سحت خبيث،
وهو أكثر ما يوجد من إفساد أمور المسلمين، وهو سبب سقوط حرمة المتولي وسقوط قدره
وانحلال أمره...» انتهى كلامه رحمه الله.
فالجرائم لا يحسمها
ويقي المجتمع من شرها إلا إقامة الحدود الشرعية على مرتكبيها، وأما أخذ الغرامة
المالية منهم وسجنهم وما أشبه ذلك من العقوبات الوضعية، فهو ضياع وظلم وزيادة شر.
قال فقهاؤنا: إن
الجنايات التي تجب فيها الحدود خمس هي: الزنى والسرقة، وقطع الطريق، وشرب الخمر،
والقذف، وما عدا ذلك؛ يجب فيه التعزير؛ كما يأتي بيانه إن شاء الله.
وقالوا: أشد الجلد
في الحدود جلد الزنى ثم جلد القذف، ثم جلد الشرب، ثم جلد التعزير؛ لأن الله تعالى
خص الزنى بمزيد تأكيد؛ لقوله: ﴿وَلَا
تَأۡخُذۡكُم بِهِمَا رَأۡفَةٞ فِي دِينِ ٱللَّهِ﴾ [النُّور: 2]، وما
دونه أخف منه في العدد؛ فلا يجوز أن يزيد عليه في الصفة.
وقالوا: من مات في حد، فهو هدر، ولا شيء على من حده؛ لأنه أتى به على الوجه المشروع بأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.
([1]) « السياسة الشرعية » (59)، و « مجموع الفتاوى » (28/ 302).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد