×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

مؤتمن عليها؛ ومطلوبة منه، وهو إنما أبيح له الانتفاع بها في حدود ما جرى به العرف؛ فلا يجوز له أن يسرف في استعمالها إسرافًا يؤدي إلى تلفها، ولا أن يستعملها فيما لا يصلح استعمالها فيه؛ لأن صاحبها لم يأذن له بذلك، وقد قال الله تعالى: ﴿هَلۡ جَزَآءُ ٱلۡإِحۡسَٰنِ إِلَّا ٱلۡإِحۡسَٰنُ [الرَّحمن: 60].

فإن استعملها في غير ما استعيرت له فتلفت؛ وجب عليه ضمانها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ» ([1]). رواه الخمسة، وصححه الحاكم؛ فدل على وجوب رد ما قبضه المرء وهو ملك لغيره، ولا يبرأ إلا بمصيره إلى مالكه أو من يقوم مقامه.

وإن تلفت في انتفاع بها بالمعروف؛ لم يضمنها المستعير؛ لأن المعير قد أذن له في هذا الاستعمال، وما ترتب على المأذون؛ فهو غير مضمون.

ولا يجوز للمستعير أن يعير العين المعارة لأن من أبيح له شيء؛ لم يجز له أن يبيحه لغيره؛ ولأن في ذلك تعريضًا لها للتلف.

هذا؛ وقد اختلف العلماء في ضمان المستعير للعارية إذا تلفت في يده في غير ما استعيرت له فذهب جماعة إلى وجوب ضمانها عليه سواء تعدى أو لم يتعد؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ» وذلك مثل: ما لو ماتت الدابة أو احترق الثوب أو سرقت العين المعارة، وذهب جماعة آخرون إلى عدم ضمانها إذا لم يتعد؛


الشرح

([1])  رواه أبو داود: في كتاب: (الإجارة) (3561)، والترمذي (1266)، وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (2400)، وأحمد (20098)، والدارمي (2596)، والحاكم (2302).