لا يقف عند هذه
الأمور، بل يرجع فيه إلى العُرف؛ فما عده الناس إحياء؛ فإنه يملك به الأرض الموات،
واختار ذلك جمع من أئمة الحنابلة وغيرهم؛ لأن الشرع ورد بتعليق الملك عليه ولم
يبينه، فوجب الرجوع إلى ما كان إحياء في العرف.
ولإمام المسلمين
إقطاع الأرض الموات لمن يحييها لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث
العقيق، وأقطع وائل بن حجر أرضًا بحضرموت، وأقطع عمر وعثمان وجمعًا من الصحابة.
لكن لا يملكه بمجرد
الإقطاع حتى يحييه، بل يكون أحق به من غيره، فإن أحياه ملكه، وإن عجز عن إحيائه،
فللإمام استرجاعه وإقطاعه لغيره ممن يقدر على إحيائه؛ لأن عمر بن الخطاب رضي الله
عنه استرجع الإقطاعات من الذين عجزوا عن إحيائها.
ومن سبق إلى مباح
غير الأرض الموات كالصيد، والحطب، فهو أحق به إذا حازه.
وإذا كان يمر بأملاك
الناس ماء مباح -أي: غير مملوك- كماء النهر وماء الوادي، فللأعلى أن يسقي منه
ويحبس الماء إلى الكعب ثم يرسله للأسفل ممن يليه، ويفعل الذي يليه كذلك ثم يرسله
لمن بعده... وهكذا؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ
احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ» متفق عليه ([1]).
وذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، قال: نظرنا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ احْبِسْ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ» فكان ذلك إلى
([1]) رواه البخاري: في كتاب: (المساقاة)، باب: « سكر الأنهار » (2231)، ومسلم: في كتاب: (الفضائل)، باب: « وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم » (2357).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد