×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: «ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً» أي: اذكرها للناس في مكان اجتماعهم من الأسواق وأبواب المساجد والمجامع والمحافل، «سَنَةً»، أي: مدة عام كامل؛ ففي الأسبوع الأول من التقاطها ينادى عليها كل يوم؛ لأن مجيء صاحبها في ذلك الأسبوع أحرى، ثم بعد الأسبوع ينادى عليها حسب عادة الناس في ذلك.

والحديث يدل على وجوب التعريف باللقطة وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا» دليل على وجوب معرفة صفاتها، حتى إذا جاء صاحبها ووصفها وصفًا مطابقًا لتلك الصفات؛ دفعت إليه، وإن اختلف وصفه لها عن الواقع؛ لم يجز دفعها إليه.

وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِقْهَا» دليل على أن الملتقط يملكها بعد الحول وبعد التعريف، لكن لا يتصرف فيها قبل معرفة صفاتها؛ أي: حتى يعرف وعاءها ووكاءها وقدرها وجنسها وصفتها، فإن جاء صاحبها بعد الحول، ووصفها بما ينطبق على تلك الأوصاف، دفعها إليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إِلَيْهِ» ([1]).

·        وقد تبين مما سبق أنه يلزم نحو اللقطة أمور:

أولاً: إذا وجدها، فلا يقدم على أخذها إلا إذا عرف من نفسه الأمانة في حفظها والقوة على تعريفها بالنداء عليها حتى يعثر على صاحبها، ومن لا يأمن نفسه عليها، لم يجز له أخذها، فإن أخذها؛ فهو كغاصب، لأنه أخذ مال غيره على وجه لا يجوز له أخذه، ولما في أخذها حينئذ من تضييع مال غيره.

ثانيًا: لا بد له قبل أخذها من ضبط صفاتها بمعرفة وعائها ووكائها وقدرها وجنسها وصنفها، والمراد بوعائها ظرفها الذي هي فيه كيسًا كان أو خرقة، والمراد بوكائها ما تشد به؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، والأمر يقتضي الوجوب.


الشرح

([1])  رواه مسلم: في كتاب: (اللقطة) (1722).