يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ» ([1])؛ فدل هذا على تحريم
الرجوع في الهبة؛ إلا ما استثناه الشارع، وهو الأب؛ فله أن يرجع فيما وهبه لولده،
ولقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُعْطِى عَطِيَّةً
فَيَرْجِعَ فِيهَا، إِلاَّ الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِىَ وَلَدَهُ» رواه الخمسة
وصححه الترمذي ([2]).
كما أن للوالد أن
يأخذ ويمتلك من مال ولده ما لا يضر الولد ولا يحتاجه؛ لحديث عائشة: «إِنَّ
أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ، وَإِنَّ أَوْلاَدَكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ»
([3]) رواه الترمذي
وحسنه، ورواه غيره، وله شواهد تدل بمجموعها على أن للوالد الأخذ والتملك والأكل من
مال ولده ما لا يضر الوالد ولا يتعلق بحاجته، بل إن قوله صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ
وَمَالُكَ لأَبِيكَ» ([4]): يقتضي إباحة نفسه
لأبيه كإباحة ماله، فيجب على الولد أن يخدم أباه بنفسه، ويقضي له حوائجه.
وليس للوالد أن يتملك من مال الولد ما يضره أو تتعلق به حاجته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ» ([5]).
([1]) رواه البخاري: في كتاب: (الهبة وفضلها)، باب: « هبة الرجل لامرأته والمرأة لزوجها » (2449)، ومسلم: في كتاب: (الهبات)، باب: « تحريم الرجوع في الصدقة والهبة » (1622).
([2]) رواه أبو داود: في كتاب: (الإجارة) (3539)، والترمذي (2131)، وابن ماجه (2377)، والنسائي (6519)، وأحمد (2119)، وصححه ابن الجارود (994)، والحاكم (2298).
([3]) رواه الترمذي: في كتاب: (الأحكام) (1358)، وابن ماجه (2290)، والطبراني في « الأوسط » (4684)، والبيهقي (15526)، وابن الجارود (995)، وابن أبي شيبة (36213).