×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

ومن أحكام الوصايا أنها لا تصح لأحد من الورثة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، وله شواهد ([1]).

وقال الشيخ تقي الدين: «اتفقت الأمة عليه»، وذكر الشافعي أنه متواتر، فقال: «وجدنا أهل الفتيا ومن حفظنا عنهم من أهل العلم بالمغازي من قريش وغيرهم لا يختلفون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح: «لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ»، ويأثرونه عمن لقوه من أهل العلم؛ إلا إذا أجاز الورثة الوصية للوارث؛ فإنما تصح؛ لأن الحق لهم، وتعتبر صحة إجازتهم الوصية بالزيادة على الثلث لغير الوارث وإجازتهم الوصية للوارث إذا كانت الإجازة صادرة منهم في مرض موت الموصي أو بعد وفاته...».

ومن أحكام الوصية أنها إنما تستحب في حق من له مال كثير ووارثه غير محتاج، لقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمۡ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ ٱلۡمَوۡتُ إِن تَرَكَ خَيۡرًا ٱلۡوَصِيَّةُ [البَقَرَة: 180]، والخير هو المال الكثير عرفًا؛ فتكره وصية من ماله قليل ووارثه محتاج؛ لأنه يكون بذلك قد عدل عن أقاربه المحاويج إلى الأجانب، ولقوله صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: «إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» ([2])، وقال الشعبي: «ما من مال أعظم أجرًا من مال يتركه الرجل لولده ويغنيهم به عن الناس»، وقال عليّ لرجل: «إنما تركت شيئًا يسيرًا، فدعه لورثتك»، وكان كثير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يوصوا.


الشرح

([1])  رواه الترمذي (2121)، وأبو داود (2870)، وابن ماجه (2712)، والنسائي (6468)، وأحمد (17702) وغيرهم.

([2])  رواه البخاري: في كتاب: (الجنائز) باب: « رثي النبي صلى الله عليه وسلم خزامة بن سعد » (1233)، ومسلم: في (الوصية) باب: « الوصية بالثلث » (1628).