×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

وإذا كان قصد الموصي المضارة بالوارث ومضايقته فإن ذلك يحرم عليه ويأثم به؛ لقوله تعالى: ﴿غَيۡرَ مُضَآرّٖۚ [النِّسَاء: 12]، وفي الحديث: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ وَالْمَرْأَةَ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً، ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ، فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ، فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ» ([1]) وقال ابن عباس: «الإضرار في الوصية من الكبائر».

قال الإمام الشوكاني رحمه الله: «قوله: غير مضار أي: يوصي حال كونه غير مضار لورثته بوجه من وجوه الضرار، كأن يقر بشيء ليس عليه، أو يوصي بوصية لا مقصد له فيها إلا الضرار بالورثة، أو يوصي لوارث مطلقًا أو لغيره بزيادة على الثلث ولم تجز الورثة، وهذا القيد -أعني قوله: غير مضار- راجع إلى الوصية والدين المذكورين؛ فهو قيد لها، فما صدر من الإقرارات بالديون أو الوصايا المنهي عنها أو التي لا مقصد لصاحبها إلا المضارة لورثته، فهو باطل مردود، لا ينفذ منه شيء، لا الثلث ولا دونه» انتهى كلام الشوكاني رحمه الله.

ومن أحكام الوصايا جواز الوصية بكل المال لمن لا وارث له؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ» ([2])، وورد جواز ذلك عن ابن مسعود رضي الله عنه، وقال به جمع من العلماء؛ لأن المنع من الوصية بما زاد عن الثلث لأجل حق الورثة، فإذا عدموا؛ زال المانع؛ لأنه لم يتعلق به حق وارث ولا غريم؛ فأشبه ما لو تصدق بماله في حال صحته.


الشرح

([1])  رواه أبو داود: في كتاب: (الوصايا) (2867)، والترمذي (2117)، وابن ماجه (2407)، والبيهقي (12365)، والديلمي (723).

([2])  رواه البخاري: في كتاب: (الجنائز) باب: « رثي النبي صلى الله عليه وسلم خزامة بن سعد » (1233)، ومسلم: في (الوصية) باب: « الوصية بالثلث » (1628).