×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

الشرط الثالث: أن يؤمن الاستيفاء أن يتعدى إلى غير الجاني؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَن قُتِلَ مَظۡلُومٗا فَقَدۡ جَعَلۡنَا لِوَلِيِّهِۦ سُلۡطَٰنٗا فَلَا يُسۡرِف فِّي ٱلۡقَتۡلِۖ إِنَّهُۥ كَانَ مَنصُورٗا [الإسرَاء: 33].

فإذا أفضى القصاص إلى التعدي؛ فهو إسراف، وقد دلت الآية الكريمة على المنع منه، فإذا وجب القصاص على حاملٍ أو من حملت بعد وجوب القصاص عليها؛ لم تقتل حتى تضع ولدها؛ لأن قتلها يتعدى إلى الجنين، وهو بريء، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٞ وِزۡرَ أُخۡرَىٰۚ [الأنعام: 164]، ثم بعد وضعه: إن وجد من يرضعه؛ أعطي لمن يرضعه، وقتلت، لزوال المانع من القصاص، لقيام غيرها مقامها في إرضاع الولد، وإن لم يوجد من يرضعه؛ تركت حتى تفطمه لحولين؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «الْمَرْأَةُ إِذَا قَتَلَتْ عَمْدًا، لا تُقْتَلُ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا إِنْ كَانَتْ حَامِلاً، وَحَتَّى تُكَفِّلَ وَلَدَهَا، وَإِنْ زَنَتْ لَمْ تُرْجَمْ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا، وَحَتَّى تُكَفِّلَ وَلَدَهَا» ([1]) رواه ابن ماجه، ولقوله صلى الله عليه وسلم للمرأة المقرة بالزنى: «حَتَّى تَضَعِي مَا فِي بَطْنِكِ» قال لها: «ارْجِعِي حَتَّى تُرْضِعِيهِ» ([2]).

فدل الحديثان والآية على تأخير القصاص من أجل الحمل، وهو إجماع، وهذا يدل على كمال هذه الشريعة وعدالتها، حيث راعت حق الأجنة في البطون؛ فلم تجز إلحاق الضرر بهم، وراعت حق الأطفال والضعفة، فدفعت عنهم الضرر، وكفلت لهم ما يبقي عليهم حياتهم؛ فلله الحمد على هذه الشريعة السمحاء الكاملة الشاملة لمصالح العباد.


الشرح

([1])  رواه ابن ماجه: في كتاب: (الديات) (2694)، والطبراني في « الكبير » (7138).

([2])  انظر: مسلم في كتاب: (الحدود)، باب « من اعترف على نفسه بالزنى » (1695)