×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

 هذه العدالة الإلهية، ومن نعمة الأمن والاستقرار، وإن كانت تملك من الأسلحة والأجهزة الدقيقة ما تملك؛ فإن ذلك لا يغني عنها شيئًا، حتى تقيم حدود الله التي شرعها لمصالح عباده؛ فإن المجتمعات البشرية لا تحكم بالحديد والآلة فقط، وإنما تحكم بشريعة الله وحدوده، وإنما الحديد والأجهزة آلة لتنفيذ الحدود الشرعية، إذا أحسن استعمالها، وكيف يسمي هؤلاء المنحرفون حدود الله التي هي هدى ورحمة للعالمين؟ ! كيف يسمونها وحشية ولا يسمون عمل المجرم المعتدي وحشية وهو يروع الآمنين ويجني على الأبرياء ويخلخل أمن المجتمع؟! إن هذا هو الوحشية، وإن الذي يشفق عليه أظلم منه وأشد منه وحشية، ولكن إذا انتكست العقول وفسدت الفطر فإنها ترى الحق باطلاً والباطل حقا؟ كما قال الشاعر:

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد *** وينكـر الفـم طعـم المـاء مـن سقم

·        هذا، ولا يجوز تطبيق الحد على الجاني؛ إلا إذا توفرت شروط تطبيقه وهي كما يلي:

الشرط الأول: أن يكون مرتكب الجريمة بالغًا عاقلاً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، و عَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ» رواه أهل السنن وغيرهم ([1])، فإذا كانت العبادة لا تجب على هؤلاء؛ فالحد أولى بالسقوط؛ لعدم التكليف، ولأنه يُدرأ بالشبهة.


الشرح

([1])  رواه أبو داود: في كتاب: (الحدود) (4403)، والترمذي (1423)، والنسائي (3432)، وابن ماجه (2041)، والدارمي (2296)، وأحمد (956)، وابن خزيمة (1003)، والحاكم (8170)، والبيهقي (4868).