×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

الشرط الثاني: أن يكون مرتكب الجريمة عالمًا بالتحريم، فلا حد على من يجهل التحريم؛ لقول عمر وعثمان وعلي: «لا حَدَّ إلا على من علمه» ([1]) ولم يعلم لهم مخالف من الصحابة، وقال الموفق ابن قدامة: «هو قول عامة أهل العلم».

فإذا توفرت هذه الشروط في مرتكب الجريمة التي يترتب عليها الحد الشرعي؛ فإنه يقيمه عليه الإمام أو نائبه لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقيم الحدود، ثم خلفاؤه من بعده كانوا يقيمونها، وقد وكل النبي صلى الله عليه وسلم من يقيم الحد نيابة عنه؛ حيث قال: «وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» ([2]) وأمر صلى الله عليه وسلم برجم ماعز ولم يحضره ([3])، وقال في سارق: «اذْهَبُوا بِهِ، فَاقْطَعُوهُ.....» ([4]) ولأن الحد يحتاج إلى اجتهاد، ولا يؤمن فيه الحيف، فوجب أن يتولاه الإمام أو نائبه، ضمانًا للعدالة في تطبيقه، سواء كانت الحدود لحق الله تعالى كحد الزنى، أو كانت لحق الآدمي كحد القذف.

قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله ([5]): «الحدود التي ليست لقوم معينين تسمى حدود الله وحقوق الله؛ مثل قطاع الطريق والسراق والزناة ونحوهم، ومثل الحكم في الأموال السلطانية والوقوف والوصايا التي


الشرح

([1])  رواه عبد الرزاق (13647)، والشافعي في « مسنده » (1/168)، والبيهقي (16842).

([2])  رواه البخاري: في كتاب: (الوكالة)، باب: « الوكالة في الحدود » (2190)، ومسلم: في كتاب: (الحدود)، باب: « من اعترف على نفسه بالزنى » (1697).

([3])  رواه البخاري: في كتاب: (المحاربين)، باب: « هل يقول الإمام للمقر لعلك لمست أو غمزت » (6438) ومسلم: في كتاب: (الحدود)، باب: « من اعترف على نفسه بالزنى » (1692).

([4])  رواه النسائي: في كتاب: (قطع السارق) (4877)، وأحمد (22561)، والحاكم (8153)، والبيهقي (17052)، والدار قطني (3/ 101).

([5])  « السياسة الشرعية » (55)، و « مجموع الفتاوى » (28/ 297).