×
الملخص الفقهي الجزء الثاني

جماعة من الصحابة، وعليه عمل الناس، ولأن الدليل الذي استفيد منه حكم المزارعة هو حديث معاملة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل خيبر بشطر ما يخرج منها، ولم يرد في هذا الحديث أن البذر على المسلمين.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: «والذين اشترطوا البذر من رب الأرض قاسوها على المضاربة، وهذا القياس مع أنه مخالف للسنة الصحيحة وأقوال الصحابة، فهو من أفسد القياس؛ فإن المال في المضاربة يرجع إلى صاحبه، ويقسمان الربح؛ فهذا نظير الأرض في المزارعة، وأما البذر الذي لا يعود نظيره إلى صاحبه، بل يذهب كما يذهب نفع الأرض؛ فإلحاقه بالأصل الذاهب أولى من إلحاقه بالأصل الباقي» ([1]) انتهى.

والمزارعة مشتقة من الزرع، وتسمى مخابرة ومواكرة، والعامل فيها يسمى مزارعًا ومخابرًا ومواكرًا.

والدليل على جوازها السنة المطهرة الصحيحة كما سبق، والحاجة داعية إلى جوازها؛ لأن من الناس من يملك أرضًا زراعية ولا يستطيع العمل فيها، ومن الناس من يستطيع العمل في الزراعة ولا يملك أرضًا زراعية؛ فاقتضت الحكمة التشريعية جواز المزارعة لينتفع الطرفان: هذا بأرضه، وهذا بعمله، وليحصل التعاون على تحصيل المصلحة ودفع المضرة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ([2]): «المزارعة أصل من الإجارة، لاشتراكهما في المغنم والمغرم».


الشرح

([1])  « إعلام الموقعين » (1/ 276).

([2])  « مجموع الفتاوى » (28/ 85)، و « الطرق الحكمية » (365). بتصرف.