×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

قال المؤلِّف رحمه الله: وذلك أن السنَّة والجَمَاعة قد أَحْكَمَا أمرَ الدِّين كُله، وتَبَيَّن للناسِ، فعَلى الناسِ الاتِّباع.

**********

قالَ رحمه الله: «وذلك أن السنَّة والجَماعة قد أَحْكَمَا أمرَ الدينِ كُله»: «ذلك» إشارةٌ إلى ما سبقَ من الحَثّ على لُزوم طَرِيقَةِ أهلِ السنَّة والجَمَاعة.

وقد سبقَ بأن المُراد بأَهْلِ السنَّة المُتَمَسِّكون بسنَّة الرسُول صلى الله عليه وسلم وبطَرِيقته: هؤلاءِ هم أهلُ السنَّة، والجَماعة: هم الذين اجتمعوا على الحَقِّ، ولم يَتفرَّقوا، كما قالَ تَعالى: ﴿وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْۚ [آل عمران: 103] اجتمعُوا على الحَقّ ولم يَتفرَّقوا عنه، ولم يَخْتلفوا فيه، هؤلاءِ هم أهلُ السنَّة والجَماعة.

أما ﴿ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا فاللهُ جل وعلا يقولُ لنبيِّه صلى الله عليه وسلم: ﴿لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ إِنَّمَآ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ [الأنعام: 159].

«وذلك أن السنَّة والجَماعة أَحْكَمَا...» أي: أَتْقَنَا، فالإحكَام مَعناه: الإتقَان، أَتْقَنَا أمرَ الدِّين كُله، فالدِّين كُله مَحصورٌ في السنَّة والجَماعة، كما قالَ صلى الله عليه وسلم: «فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي» ([1]).

لا يَقِي من شَرّ هذا الاختلاَف إلا التمسُّك بسُنة الرسُول صلى الله عليه وسلم، وهي: ما كانَ عليه الرسُول صلى الله عليه وسلم وأَصْحَابه في العَقِيدة، والعِبادة، والمُعامَلات، والأَخْلاَق، والآدابِ، وهم الفِرْقة الناجِية، من بين ثلاثٍ وسبعينَ فِرْقةً كُلها في النارِ إلا وَاحِدةً، قَالوا: من هي يا رسولَ اللهِ؟


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه رقم (46)، وأحمد رقم (17144).