قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: واعرفْ فضلَ الأَنْصارِ ووصيَّةَ رَسُولِ الله صلى الله عليه
وسلم فيهم، وآلَ الرَّسُولِ فلا تَسُبَّهُمْ، واعرفْ فضلَهم وكراماتِهم، وجيرانَه من
أَهْلِ المَدِيْنَةِ فاعرفْ فضلَهم.
**********
قوله: «واعرفِ فضلَ الأَنصارِ» من الأَوْسِ والخَزْرَجِ، وصحابةُ رَسُولِ
الله صلى الله عليه وسلم من أَفْضلِ القُرُونِ؛ لقوله: «خَيْرُكُمْ قَرْنِي» ([1])؛ ولأَنَّ اللهَ
اختارهم لصُحْبَةِ نبيِّه مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم؛ ولأَنَّهم بايعوا
الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم وجاهدوا معه وحملوا العلمَ عنه وبلَّغوه للنَّاس،
فالصَّحابةُ أَفْضلُ القُرُونِ، ولا يلحقهم أَحدٌ في فضلهم، قال صلى الله عليه
وسلم: «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِي، لاَ
تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ
مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ» ([2]) يعني: لو أَحدٌ
تصدَّق بذهبٍ مثل جبلِ أُحُدٍ لا يساوي مُدًّا من الشَّعير تصدَّق به صحابي، فهذا
فيه فضلُ الصَّحابة رضي الله عنهم.
فهذا فضلٌ عظيمٌ يجب أَنْ يُعْرَفَ لهم رضي الله عنهم، واللهُ جل وعلا قال: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّٰتٖ تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ﴾ [التوبة: 100]، وقال جل وعلا: ﴿لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمۡ فَأَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ عَلَيۡهِمۡ وَأَثَٰبَهُمۡ فَتۡحٗا قَرِيبٗا﴾ [الفتح: 18]، قال تعالى: ﴿تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗاۖ سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمۡ فِي ٱلتَّوۡرَىٰةِۚ﴾
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3450)، ومسلم رقم (2535).
الصفحة 1 / 260