وهذا فيه وجوبُ الردِّ على
المُخالِف، عكسَ ما يقُوله أولئكَ يقولون: اتركُوا الردودَ، دَعُوا الناسَ كُل له
رَأيه واحترَامه، وحُرية الرأيِ وحُرية الكَلمة؛ بهذا تَهلك الأمَّة، السلَف ما
سكتُوا عن أمثالِ هؤلاء، بل فَضَحوهم وردُّوا عليهم، لعِلمهم بخَطرهم على الأمَّة.
نحن لا يَسعنا أن نسكتَ عن شَرِّهم، بل لابُدَّ مِن بَيان ما أنزلَ اللهُ،
وإلا فإنَّنا نكُون كاتمينَ، من الذَّين قال الله فيهم: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ
يَكۡتُمُونَ مَآ أَنزَلۡنَا مِنَ ٱلۡبَيِّنَٰتِ وَٱلۡهُدَىٰ مِنۢ بَعۡدِ مَا
بَيَّنَّٰهُ لِلنَّاسِ فِي ٱلۡكِتَٰبِ أُوْلَٰٓئِكَ يَلۡعَنُهُمُ ٱللَّهُ
وَيَلۡعَنُهُمُ ٱللَّٰعِنُونَ﴾ [البقرة: 159].
فلا يقتصرُ الأمرُ على المُبتدِع، بل يَتناول الأمرُ مَن سكتَ عنه، فإنه
يَتناوله الذَّم والعِقاب، لأن الواجبَ البَيان والتَّوْضيح للناسِ، وهذه وظيفةُ
الردودِ العِلمية المُتوفِّرة الآنَ في مَكتبات المُسلمين كُلها تَذبُّ عن
الصِّراط المُستقيم، وتحذِّر من هؤلاء، فلا يُروِّج هذه الفِكرة - فِكرة حُرية
الرأيِ وحُرية الكَلمة واحترَام الآخَر... - إلا مُضلِّل كاتمٌ للحقِّ.
نحن قَصدُنا الحَق، ما قَصْدنا نَجْرَح الناسَ أو نتكلّم في الناسِ،
القَصْد هو بيانُ الحَق، وهذه أمانةٌ حمَّلها اللهُ العلماءَ، فلا يَجوز السكوتُ
عن أمثالِ هؤلاء، لكن مع الأَسَف لو يَأتي عالمٌ يردُّ على أمثالِ هؤلاء قَالوا:
هذا مُتسرِّع... إلى غيرِ ذلك من الوساوسِ، فهذا يخذلُ أهلَ العِلم أن يبيِّنوا
للنَّاس شرَّ دُعاة الضَّلال، لا يخذلهُم.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد