قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: والإِيْمانُ بأَنَّ اللهَ هو الذي كلَّم مُوسَى بنَ عِمْرَانَ
عليه الصلاة والسلام يومَ الطُّوْرِ ومُوسَى يسمع مِن الله الكلامَ بصوتٍ وقع في مسامعِه
منه، لا مِن غيره، فمن قال غيرَ هذا فقد كفر بالله العظيمِ.
**********
إِثْباتُ الكلامِ للهِ جل وعلا من
أُصولِ عقيدةِ أَهْلِ السُّنَّةِ والجماعةِ، أَنَّ الله يتكلَّم بكلامٍ حقيقيٍّ،
سمعه جِبْرِيْلُ، وسمعه مُوسَى عليه السلام لمَّا ذهب إِلى النَّار ليأْتيَ منها
بقَبَسٍ ووَجَدَ أَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى يكلِّمه من الشَّجرة، كما ذكرَ اللهُ
ذلك في القُرْآنِ. وسمع مُوسَى كلامَه قال اللهُ جل وعلا: ﴿وَكَلَّمَ
ٱللَّهُ مُوسَىٰ تَكۡلِيمٗا﴾ [النساء: 164]، ﴿وَلَمَّا
جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِيٓ أَنظُرۡ
إِلَيۡكَۚ﴾ [الأعراف: 143]، هذه مرَّةٌ ثانيةٌ لمَّا وَاعَدَهُ
اللهُ أَنْ يُعطيَه التَّوْرَاةَ ذهب مُوسَى للموعد كلَّمه ربُّه وأَعْطاه
أَلْواحَ التَّوْرَاةِ مكتوبةً، فسمع مُوسَى كلامَ الله سبحانه وتعالى.
وكلَّم نبيَّنا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم ليلةَ المِعْراج، وفرض عليه
الصَّلواتِ الخمسِ، فاللهُ يتكلَّم جل وعلا بكلامٍ يسمع، وبحرفٍ وصوتٍ.
أَمَّا الجَهْمِيَّةُ والمعتزلةُ فيقولون: اللهُ لا يتكلَّم؛ لأَنَّا لو أَثْبَتْنَا
له الكلامَ شَبَّهْنَاهُ بالمخلوقين، لأَنَّ المخلوقَ يتكلَّم.! وهل يُقاس كلامُ
اللهِ بكلام المخلوق؟ هناك فرقٌ بين كلامِ الله وكلامِ المخلوق، فهُمْ لا يفرِّقون
بين الله وبين المخلوق والعياذُ بالله، نتيجةً لتبلُّدِ أَفْهامِهم وعقولِهم.
فاللهُ جل وعلا يتكلَّم حقيقةً بكلامٍ يُسْمَعُ، والقُرْآنُ من كلامِ الله سبحانه
وتعالى، تكلَّم اللهُ به، وتكلَّم بالتَّوْرَاةِ وتكلَّم بالإِنْجِيْلِ، ويتكلَّم
متى شاءَ، إِذا شاءَ سبحانه وتعالى، فكلامُه من فِعْلِه جل وعلا، وفِعْلُهُ لا
نهايةَ له ولا بدايةَ له، يتكلَّم متى شاءَ إِذا شاءَ جل وعلا، فالكلامُ صفةٌ من
صفاته الفِعْليَّةِ.
الصفحة 1 / 260