×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

قال المؤلِّف رحمه الله: واعلمْ رحمَك اللهُ أنه لا يَتمُّ إسلامُ عبدٍ حتّى يكونَ متبعًا مصدقًا مسلمًا، فمن زعمَ أنه قد بَقِي شيءٌ من أمرِ الإسلاَم لم يَكْفِنَاهُ أصحَاب رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فقد كذَّبهم، وكَفى بهذا فُرْقَة وطعنًا عليهم، فهو مُبتدع ضالٌّ مُضِلٌّ، مُحْدِث في الإسلاَم ما لَيس مِنه.

**********

 هذا تَتِمّةٌ لكَلام السّابق، فقوله: «لا يتمّ إسلامُ عبدٍ حتى يكون متبعًا مصدقًا مسلمًا» متبعًا: لا مبتدعًا، مصدقًا: لا شاكًّا أو مترددًا، مسلمًا: يعني مسلمًا للكِتاب والسُّنة، لأنَّ هذه الأُمُور مَحَلُّ تسليمٍ، وليستْ مَحَلَّ جِدالٍ، نُسلِّم للهِ ولرسولِه صلى الله عليه وسلم، ولا نُجادل في هذا الأمر، أو نُدْلي برأيِنا - كما يقولون - مع كَلام اللهِ وكَلام رَسوله.

قوله: «فمن زَعم أنه قد بَقِيَ شيءٌ من أمر الإسلام لم يَكْفِنَاهُ أصحَاب رسُول الله صلى الله عليه وسلم فقد كذَّبهم» أي: من زعمَ أن الصحَابة قصَّروا في بَيان الحَق وتَوضيحه، وحَمْله للناسِ عن الرسُول صلى الله عليه وسلم، ويزعُم أن له مجالاً أن يتكلَّم أو يُضيف شيئًا؛ فهذا يُريد الشرَّ بالناسِ، لأن الصحَابة رضي الله عنهم ما تركُوا مما سَمعوا من الرسُول صلى الله عليه وسلم، أو رَأوه شيئًا إلا بلَّغُوه للأمَّة بأمانةٍ، وبَيَّنوه للأمَّة.

ولذلك يُقدَّم تفسيرُ الصحَابة على تَفسير غَيرهم؛ لأنّهم تَلاميذ الرسُول صلى الله عليه وسلم، وسَمعوا منه صلى الله عليه وسلم القرآنَ، وسَمعوا منه الأحاديثَ، وسمعُوا منه بيانَ القُرآن، ورَأَوْا عَمله صلى الله عليه وسلم، فنقلُوا ذلك بأمانةٍ، فهم لم يَتركوا شيئًا.


الشرح