قال
المؤلِّف رحمه الله: واعلمْ أنَّ الناسَ لم يَبتدعوا بدعةً قَط حَتى تَركوا من السنّة
مِثلها، فاحذَر المُحرَّمات من الأُمور، فإن كُل مُحدَثةٍ بدعَة، وكل بدعةٍ ضلالةٌ،
والضّلالة وأَهلها في النَّار.
**********
هذه حِكمة عظيمةٌ، وهي مأثورةٌ عن السّلف: «أن النّاس ما أحدَثوا بدعةً إلا فَقدوا مِثلها من السنّة». لأنه لا
تَجتمع السنّة والبدعَة، إلا وتُخرج إحدَاهما الأُخْرَى، فلا يكونُ الإنسانُ
مبتدعًا وسُنيًّا، بل إمّا أن يكونَ مبتدعًا، وإما أن يكُون سُنيًّا، لا يجتمعانِ
فيه، فلابُدَّ أن تُخرج إحداهما الأخرَى، وهذا من مَضارِّ البِدع.
وهذه الحِكمة المَأثورة ثَابتة بالتّجربة، وشَاهد هذا ودليله: أنك تَجد
أَصحاب البِدع يُبغضون الأحاديثَ الصّحيحة، ويُبغضون السننَ، وأَعدَى عدوٍّ لهم،
وأَبغض ما يَسمعون؛ أن يُقال: الحَديث الفُلاني يَنهى عن هذا، أو يُحرم هذا، لا
يُريدون أن يَسمعوا الأَحاديث والسنَن التي تُخالف ما هم عليه، فهذه عَلامةٌ على
أنها لا تَجتمع السنّة والبِدعة.
أما الّذي على السنَّة فإنه إذا سَمع حديثًا عن رسولِ الله صلى الله عليه
وسلم فإنه يَفرح بذلك، فيُضيف خيرًا إلى خيرٍ، ويُضيف علمًا إلى علمٍ، صَاحب
السنّة يَفرح بأحاديثِ الرسول صلى الله عليه وسلم، بينما صَاحب البدعَة يَنفر من
أحاديثِ الرسول صلى الله عليه وسلم، هذا شيءٌ واضِح في المُبتدعة أنهم يُحاربون
السنَن لأنها تَقضي على ما عِندهم من البِدَع.
وهذا فيه التَّنفير من البِدع، وأنها تُرحِّل السنَن وتُرحِّل مَحبّة
السنَن من القُلوب.
الصفحة 1 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد