قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: فكان الأَمْرُ مستقيمًا حتى كانت الطَّبقةُ الرَّابعةُ في خلافة
بني فُلاَنٍ انقلب الزَّمانُ، وتغيَّر النَّاسُ جِدًّا، وفَشَتِ البِدَعُ، وكثر الدُّعاةُ
إِلى غير سبيل الحقِّ والجماعةِ، ووقعتِ المِحْنَةُ في كلِّ شيءٍ لم يتكلَّم به رَسُولُ
الله صلى الله عليه وسلم، ولا أَحدٌ من الصَّحابة.
**********
قوله: «فكان الأَمْرُ مستقيمًا حتى كانت الطَّبقةُ
الرَّابعةُ في خلافة بني فُلاَنٍ انقلب الزَّمانُ، وتغيَّر النَّاسُ جِدًّا، وفشتِ
البِدَعُ» زاد الخلافُ وزادت الفِتَنُ بعد انقضاءِ القرونِ المفضَّلةِ حتى
جاءَ عهدُ العبَّاسيِّين وظهر فيهم المَأْمُونُ العبَّاسيُّ، وتَبِعَهُ
المُعْتَصِمُ والوَاثِقُ، وأَخذُوا بقول الجَهْمِيَّة، وأَرادوا أَنْ يُجْبِرُوا
أَهْلَ السُّنَّةِ عليه وهو القولُ بخلقِ القُرْآنِ، وقتلوا بعضَ الأَئِمَّة،
وضربوا البعضَ الآخَرَ، ولكنَّ الحقَّ ثابتٌ ولله الحمدُ لا يَتَزَحْزَحُ.
قوله: «وكثر الدُّعاةُ إِلى غير سبيلِ
الحقِّ والجماعةِ» كثيرٌ الآن مَن يقولون: إِنَّهم دُعاةٌ؛ ويكونون جماعاتٍ
وفِرَقًا تحت هذا الغِطاءِ، وهُمْ يريدون دعوةَ النَّاس إِلى الضَّلال، إِلاَّ مَن
رَحِمَ اللهُ ممَّن استقام على دعوة الكتابِ والسُّنَّةِ ومنهجِِ الرَّسُولِ صلى
الله عليه وسلم في دعوته فهذا على حقٍّ، وهذه هي الدَّعْوةُ الحقِّ، ما كلُّ من
تسمَّى بالدَّعْوةِ يكون صحيحًا حتى يُنْظَرَ في منهجِه الذي يسير عليه، فإِنْ كان
يسير على ما كان عليه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وأَصْحابُه فإِنَّه داعيةٌ
إِلى حقِّ، وإِنْ كان مخالفًا لمَا كان عليه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم في
منهج الدَّعْوة فهو على باطلٍ، ولا يُغْتَرُّ بقوله: إِنَّه من الدُّعاةِ،
الصفحة 1 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد