قال
المؤلِّف رحمه الله: ولا يَحِلّ قِتال السُّلْطَان، ولا الخُرُوج عليه وإنْ جَارَ،
وذلك لقولِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأبِي ذَرٍّ الغِفَارِيّ: «اصْبِرْ، وَإِنْ
كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا»، وقَوله للأنصَار: «اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى
الحَوْضِ»، وليس من السنَّة قِتال السُّلْطان؛ فإن فِيه فَساد الدُّنيا والدِّين.
**********
لا يجوزُ لأحدٍ أن يُقاتلَ
السُّلطان، بأن يَخرج عليه بالسِّلاح، لأنَّ هذا يترتَّب عليه مَفاسدُ كَبيرةٌ.
قوله: «ولا يَحِلّ قِتال السُّلْطَان،
ولا الخُرُوج عليه وإنْ جَارَ» أي: يَحرم قِتال السُّلطان يَعني مُقاتلة
السلطانِ كما تَفعل الخَوَارِج.
«وإن جَارَ» أي: حَصل منه
جَوْرٌ أو ظُلْمٌ فإنه يَصبر على ذلكَ؛ لأن الصبرَ على ذلك مع ما فِيه من الضَّرَر
أَخَفُّ من الضَّرَر الذِي يَحصُل بالخُروج عليه، فالضَّرَر الذِي يَحصُل مع
الصَّبْر على طَاعَة السُّلْطَان الجَائِر أَخَفّ من الضَّرَر الذِي يَحصُل
بالخُرُوجِ عليه. ولا شَكَّ أن مِن القَواعِد المُقَرَّرة في الإسلامِ: ارتكَابُ
أَخَفِّ الضررينِ لدَفْعِ أَعلاهُما.
والنبيُّ صلى الله عليه وسلم قال للأنصَار: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي
عَلَى الحَوْضِ» ([1]) أَوْصَاهم
بالصَّبْر مع أنهم يَلْقَوْن أَثَرَةً وهِي: استئثارٌ بالأموالِ دُونهم،
فأَوْصَاهم بالصَّبْر لما في ذلك من دَرْءِ أَعْظَم المَفْسَدَتين.
قوله: «وذلك لقَوْل رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأبِي ذَرٍّ الغِفَارِيّ: «اصْبِرْ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا»»: يَعني لا يَحتقر وَلِيّ الأمرِ، وإن كَان مَظهره غَير جَميلٍ،
الصفحة 1 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد