أما إذا صَار لهم شوكةٌ وأظهروا القُوة فيَجب على المُسلمين قِتالهم كَفًّا
لشَرهم، ولا يُقاتَلون على أنهم كُفار، بل يُقاتَلون على أنهم مُسلمون جارُوا على
المُسلمين واعتدَوْا عليهم، ولهذا لما سُئِل أميرُ المُؤمنين عليٌّ رضي الله عنه
عن الخَوَارِج: أَكُفَّارٌ هُمْ؟ قَالَ: «لاَ،
مِنَ الْكُفْرِ فَرُّوا، وَلَكِنْ قَوْمٌ بَغَوْا عَلَيْنَا» ([1])، فلا يُقاتَلون على
أنهم كُفَّار، ولذلك لا تُسبَى نِساؤهم وذَرَارِيهم، ولا تُؤخَذ أموالُهم، ولا
يُجْهَز على جَريحِهم؛ لأن قِتالهم إنما هو لكَفّ شرِّهم لا لكُفْرِهم.
قوله: «ويَحِل قِتال الخَوَارج إذا
عَرَضوا للمُسلمين في أموالِهم وأنفُسهم وأهلِيهم» لأن النبيَّ أمرَ بقِتالهم،
ولأن عَلِيًّا رضي الله عنه قاتلَهم لما تعرَّضُوا لعبدِ اللهِ بن خَبَّاب بن
الأَرَتّ رضي الله عنه وقتلُوه، وشقُّوا بَطْن وَليدتِه وكانت حاملاً. فعندئذٍ
عزمَ أميرُ المُؤمنين على قِتالهم؛ لأنهم حصلتْ منهم بَوَادِرُ.
قوله: «وليس له إذا فَارَقُوهم أن يَطلُبهم»
إذا كَفُّوا عن القِتال فليس لوَلِيِّ الأمرِ أن يَطلُبهم ويَغزُوهم، ما دامَ أنه
لم يَحصُل منهم اعتدَاء فهم ضُلاَّل بلا شَكٍّ وتَجِب مُناصحتهم لعلَّهم يَرجِعون،
ولكن لا يُقاتَلون.
قوله: «ولا يُجْهِز على جَرِيحهم»
لأن الجَرِيح انكَفَّ شَرُّه.
قوله: «ولا يأخذُ فَيْئَهم» يعني لا تُغنَم أموالُهم؛ لأنها أموالُ مسلمينَ.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد