×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: والإِيْمانُ بالقِصاص يومَ القيامة بين الخلق كلِّهم؛ بني آدَمَ والسِّباعِ والهوامِ، حتى للذَّرَّةِ من الذرة، حتى يأخذَ اللهُ عز وجل لبعضهم من بعضٍ؛ لأَهْلِ الجَنَّةِ من أَهْلِ النَّار، ولأَهْلِ النَّار مِن أَهْلِ الجَنَّة؛ ولأَهْلِ الجَنَّةِ بعضِهم من بعضٍ، ولأهل النَّار بعضِهم من بعضٍ.

**********

سبق أَنَّ اللهَ يبعث الخلقَ يومَ القيامة للجزاءِ على الحسنات والسَّيِّئَاتِ بالنِّسْبة لبني آدَمَ، وللقصاص بالنِّسْبة أَيْضًا لبني آدَمَ وللبَهائِمِ، البهائِمُ تُبْعَثُ للقصاص فقط، بنو آدَمَ يُبْعَثُونَ للجزاءِ وللقصاص فيما بينهم.

قوله: «والإِيْمانُ بالقصاص يومَ القيامة بين الخلق كلِّهم، بني آدَمَ والسِّباعِ وللبهائِمِ» كلِّها تُبْعَثُ للقصاص، أَمَّا البهائِمُ فإِنَّها إِذا اقْتُصَّ لبعضها من بعضٍ ينهى أمرها فتكون تُرابًا، وأَمَّا بنو آدَمَ فعلى فريقين: فريقٍ في الجَنَّةِ، وفريقٍ في السَّعير، ولا يموتون بعد ذلك أَبدًا، خالدون مخلَّدون إِمَّا في جَنَّةٍ، وإِمَّا في نارٍ.

قوله: «حتى للذَّرَّة من الذرة» حتى للذرة وهي النَّمْلةُ الصَّغيرةُ من الذَّرَّة يُقْتصُّ لبعضها من بعضٍ، لأَنَّ اللهَ لا يُقِرُّ الظُّلْمَ أَبدًا، لأَنَّه أَحْكمُ الحاكمين، وهو الحكمُ العدلُ، فلا يُقِرُّ الظُّلْمَ؛ حتى بين البهائِم والذَّرِّ يومَ القيامة يبعثها ثم يقتص لبعضها من بعض.

وأَمَّا المؤمنون فأَوَّلُ ما يُقْضَى بينهم يومَ القيامة في الدِّماءِ من حقوق النَّاس، ويُقْتَصُّ لبعضهم من بعضٍ بعدما يتجاوزون الصِّراطَ وقبلَ أَنْ يدخلوا الجَنَّةَ، يُوقَفُونَ ويُقْتَصُّ لبعضهم من بعضٍ؛ فإِذا هُذِّبُوا ونَقَوا أُذِنَ لهم بدخول الجَنَّة؛ لأَنَّه لا يدخل الجَنَّةَ أَحدٌ وعليه مَظْلَمَةٌ أَبدًا، 


الشرح