×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

قال المؤلِّف رحمه الله: واعلمْ - رحمَك الله - أن الدينَ إنما جَاء من قِبَل الله تبارك وتعالى، لم يُوضَع على عُقولِ الرِّجال وآرائهم، وعِلْمُه عندَ اللهِ، وعِند رَسوله، فلا تتَّبع شيئًا بهَوَاكَ؛ فتَمْرُق من الدِّين فتَخْرُج من الإسلاَم؛ فإنه لا حُجَّة لك، فقد بيَّن رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم لأمَّته السنَّة، وأَوْضَحَها لأصحابِه، وهم الجَمَاعة، وهم السَّوَاد الأَعْظَم، والسوادُ الأَعْظَم: الحَقّ وأَهْله، فمن خالفَ أصحابَ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم في شيءٍ من أمرِ الدينِ فقد كفرَ.

**********

 - فهذه التِي اسْتُثْنِيت من هذه الفِرَق جماعةٌ متميِّزة فمَن هي؟ - قال صلى الله عليه وسلم في بيَانها: «مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» ([1])، ما عليه الرسُول صلى الله عليه وسلم وأصحَابه هو السنّة، فمن لزمَه نَجَا، ولذلك سُمُّوا بالفِرْقة الناجيةِ.

قوله: «وتبيَّن للناسِ، فعلى النَّاس الاتِّبَاع» تبيَّن للناسِ أن أمرَ الدينِ كُله في لُزوم السنَّة والجَماعة، فلن يُخالفَ ما عليه أهلُ السنَّة والجَماعة إلا أهلُ الضلالِ، ﴿فَمَاذَا بَعۡدَ ٱلۡحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰلُۖ [يونس: 32]، فمن تركَ الحقّ وقعَ في الضلالِ، والحقّ هو ما عليه أهلُ السنَّة والجمَاعة دونَ غيرِهم.

الدينُ إنما جاءَ من عِند اللهِ، فهو الذِي شَرَعَ الدينَ سُبحانه، ليس لأحدٍ أن يَشْرَعَ دينًا لم يَأْذَن اللهُ به، قالَ تَعالى: ﴿أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ [الشورى: 21]: هذا استنكارٌ وتحذيرٌ، فالدِّين هو ما شَرَعَه الله، وبلَّغه رسُوله صلى الله عليه وسلم.


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2641)، والمروزي في «السنة» رقم (59)، والطبراني في «الكبير» رقم (62).