×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

هذا هو الدينُ الذِي قالَ الله جل وعلا فيه: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ [الشورى: 13]، هذا هو شريعةُ الأنبياءِ خصوصًا هؤلاء الخَمْسةَ أُولِي العَزْم، هذا دِينهم، فمَن حَادَ عنه أو اختلفَ عنه هَلَكَ وضَلَّ، وهو مَبْنِيٌّ على توحيدِ اللهِ عز وجل، وتَرْكِ عِبادة ما سِواه، والتقيُّد بما شَرَعَه اللهُ عز وجل، والابتعَاد عما حَرَّمَه اللهُ، هذا هو الدِّين.

قوله: «لم يُوضَع على عُقول الرِّجال وآرائِهم» ليس الدِّين ما استحسنَه الرِّجال أو رَأَوْه، فإن هذا ليس دِين اللهِ، هذا دِين النَّاس الذِي أَحْدَثُوه، أما دِين اللهِ عز وجل فهو الذِي شَرَعَه.

أما ما رآه الرجالُ بآرائِهم فهذا ليس هو دِين اللهِ سبحَانه وتَعالى، وإنما هو دينُ من رَآه، فلا يُنْسَب إلى الله من الدِّين إلا ما شَرَعَه على لِسان رسُوله صلى الله عليه وسلم، وما شَرَعَه غَيره لا يُنسَب إلى اللهِ، وإنما يُنسَب إلى من شَرَعه، والله بريءٌ منه، قالَ تعالى: ﴿أَمۡ لَهُمۡ شُرَكَٰٓؤُاْ شَرَعُواْ لَهُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمۡ يَأۡذَنۢ بِهِ ٱللَّهُۚ [الشورى: 21].

قوله: «وعِلْمُه عندَ اللهِ، وعِند رسُوله صلى الله عليه وسلم »: أمورُ الدينِ تَوْقِيفِيَّة، لابُدَّ من الأدلَّة عن اللهِ ورَسوله في أمورِ الدينِ، يُتَقَيَّد بما جاءَ في الكِتاب والسنَّة من أمورِ الدِّين، وتُتْرَك المُحْدَثات والبِدَع التِي ما أنزلَ اللهُ بها من سُلطانٍ، وإن كانَ أهلُها يَرَوْنها دينًا، ويتقرَّبون إلى اللهِ بها، فنَحن لا نَلْتَفِت إليها، ولا نُؤمِن بها، لأن دِين اللهِ ما شَرَعَه هو ورَسُوله.


الشرح