×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: واعلم أَنَّ الهوام والسِّباعَ والدَّوابَ نحوَ الذَّرِّ والذُّبابَ والنَّمْلَ كلَّها مأمورةٌ، ولا يعلمون شيئًا إِلاَّ بإِذْنِ الله تعالى.

**********

الكونُ كلُّه مدبَّرٌ ومأمورٌ أَمْرًا كونيًا، الشَّمْسُ تسير، والقمرُ يسير، والنُّجومُ، والأَفْلاكُ تدور، والدَّوابُ، والطُّيُور، كلُّ شيءٍ يمشي على نظامه الذي قدَّره اللهُ له، ﴿قَالَ رَبُّنَا ٱلَّذِيٓ أَعۡطَىٰ كُلَّ شَيۡءٍ خَلۡقَهُۥ ثُمَّ هَدَىٰ [طه: 50] نُظْمُ الدُّنْيا كلُّها، وما فيها من كائِناتٍ ومخلوقاتٍ وأَفْلاكٍ وسمواتٍ وأَرْضٍ، كلِّها تجري بتقدير الخالق وتدبيرِه سبحانه وتعالى، وهي تَأْتَمِرُ بأَمْرِهِ الكونيِّ ﴿إِنَّمَآ أَمۡرُهُۥٓ إِذَآ أَرَادَ شَيۡ‍ًٔا أَن يَقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ [يس: 82] فهي تسير وتمضي بأَمْرِ الله سبحانه وتعالى وتدبيرِه، وخَلْقِه وإِرادتِه ومَشِيْئَتِه، خاضعةً له سبحانه وتعالى، ﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِي رَفَعَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ بِغَيۡرِ عَمَدٖ تَرَوۡنَهَاۖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَۖ كُلّٞ يَجۡرِي لِأَجَلٖ مُّسَمّٗىۚ يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَ يُفَصِّلُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُم بِلِقَآءِ رَبِّكُمۡ تُوقِنُونَ [الرعد: 2].

قوله: «ولا يعلمون شيئا إلا بإذن الله تعالى» أَْي: بإِذْنِ اللهِ الكونيِّ، وهو الأَمْرُ الكونيُّ، والمشيئة من الله سبحانه وتعالى، فلا تسير مِن هواها أَوْ من تدبير أَحدٍ غيرِ الله جل وعلا؛ ولهذا لمَّا قال الجبَّارُ لإبراهيم عليه السلام: ﴿أَنَا۠ أُحۡيِۦ وَأُمِيتُۖ قال له إبراهيم: ﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأۡتِي بِٱلشَّمۡسِ مِنَ ٱلۡمَشۡرِقِ فَأۡتِ بِهَا مِنَ ٱلۡمَغۡرِبِ [البقرة: 258] فأَفْعالُ الله جلَّ وعَلاَ لا أَحَدٌ يستطيع أَنْ يعملَها وأَنْ يحاكيَها؛ فهو الذي يدبِّر الكونَ سبحانه وتعالى، وينظِّمه على أَحْسنَ نِظامٍ وأَدَقِ نِظامٍ، لا يتغيَّر ولا يتبدَّل، ﴿ٱلَّذِي خَلَقَ سَبۡعَ سَمَٰوَٰتٖ طِبَاقٗاۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلۡقِ ٱلرَّحۡمَٰنِ مِن تَفَٰوُتٖۖ فَٱرۡجِعِ ٱلۡبَصَرَ هَلۡ تَرَىٰ مِن فُطُورٖ [الملك: 3]


الشرح