×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: والإِيْمانُ بأَنَّ اللهَ تعالى قد علم ما كان مِن أَوَّل الدَّهر، وما لم يكنْ، وما هو كائِنٌ، أَحْصاه وعدَّه عدًّا، ومَن قال إِنَّه لا يعلم إِلاَّ ما كان، وما هو كائِنٌ؛ فقد كفر باللهِ العظيمِ.

**********

 فالشَّمْسُ والقمرُ والنُّجومُ، والسَّمواتُ والأَرْضُ مُنْذُ خَلَقَها اللهُ إِلى أَنْ يشاءَ اللهُ نهايةَ الدُّنْيا، وهي تسير حسبَ نِظامٍ إِلهيٍّ مُقدَّرٍ لا يتغيَّر ولا يتبدَّل.

 يجب إِثْباتُ العلم للهِ جل وعلا، وإِحاطتُه بكلِّ شيءٍ، فهو بكلِّ شيءٍ عليمٌ، وعلى كلِّ شيءٍ قديرٌ، وعلمُه لا بدايةَ له ولا نهايةَ له، علمُه كسائِرِ الصِّفات، ثابتٌ له في الأَزَل؛ فكما أَنَّ اللهَ لا بدايةَ له فكذلك لا بدايةَ لأَسْمائِه وصفاتِه وأَفْعالِه سبحانه وتعالى، وكما أَنَّ اللهَ لا نهايةَ له فكذلك لا نهايةَ لأَسْمائِه وصفاتِه وأَفْعالِه جل وعلا؛ فهو بأَسْمائِه وصفاتِه الأَوَّلُ بلا بدايةٍ، وهو بأَسْمائِه وصفاتِه الآخِرُ بلا نهايةٍ، كما قال صلى الله عليه وسلم: «أَنْتَ الأَْوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآْخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ» ([1]).

قوله: «والإِيْمانُ بأَنَّ اللهَ تعالى قد علم ما كان مِن أَوَّلِ الدَّهر، وما لم يكنْ، وما هو كائِنٌ، أَحْصاه وعدَّه عدًّا» اللهُ علم ما كان ومضي في الزَّمانِ السَّابقِ، ويعلم ما يكون في المستقبل، ويعلم ما لم يكنْ لو كان كيف يكون، فاللهُ مُحيطٌ علمه بكلِّ شيءٍ، ولهذا قال: ﴿بَلۡ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخۡفُونَ مِن قَبۡلُۖ وَلَوۡ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنۡهُ وَإِنَّهُمۡ لَكَٰذِبُونَ [الأنعام: 28]


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2713).