×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: وتعلم أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ...

**********

 انْظُرْ في أَعْمالِك، وبإِمْكانِك تغييرُها والتَّوبةُ منها، والاستغفارُ. أَمَّا القضاءُ والقَدَرُ فهو من شَأْنِ اللهِ جل وعلا، وليس من شَأْنِك.

قوله: «لا يخرجون من علم الله» كلُّ شيءٍ فاللهُ به عليمٌ، وبه محيطٌ سبحانه وتعالى. هو يعلم كُفْرَ الكافر، وفِسْقَ الفاسق، وظُلْمَ الظَّالم، لا يخفى عليه، يعلم طاعةَ المطيع، وعملَ المطيع، يعلم هذا وهذا، ولكنَّه يُؤَخِّرُهُمْ لعلهم يتوبون، لعلهم يرجعون، فإِنْ تابوا وإِلاَّ أَمَامَهم الحسابُ، فاللهُ لا يُهْمِلُهُمْ أَبدًا.

قوله: «ولا يكونُ في الأَرْضين والسَّمواتِ إِلاَّ ما علم اللهُ عز وجل » هذا كما سبق، كلُّ شيءٍ قد علمه اللهُ، ما كان في الماضي وما يكون في المستقبل، كلُّه أَحاط اللهُ به علمًا، لا يخفى عليه شيءٌ سبحانه وتعالى.عَلِمَهُ وقَدَّرَهُ وكَتَبَهُ، وشاءَهُ وأَرَادهُ، وخَلَقَهُ.

هذا نصُّ الحديثِ كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لابنِ عَبَّاسٍ: «وَاعْلَمْ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ، وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ» ([1]).

«مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ»: لو حرصتَ عليه وتريده؛ لكنْ أَخْطأَك، فاعْلمْ أَنَّ اللهَ لم يُقدِّرْه لك، «وَمَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ»، فلا تقلْ: لو أَنِّي فعلتُ كذا ما أَصابني.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (4699)، وابن ماجه رقم (77)، وأحمد رقم (21589).