×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

ولا خالقٌ مع اللهِ عز وجل..

**********

قوله: «ولا خالقٌ مع اللهِ عز وجل » هذا تابعٌ لمراتبِ القضاءِ والقَدَرِ، فيه الرَّدُّ على من يقول أَنَّ العبدَ يخلق فِعْلَ نفسِه؛ فاللهُ هو المُنْفردُ بالخلقِ جل وعلا، لا أَحدٌ يخلق معه، فهو من خَلْقِ اللهِ وَحْدَه سبحانه وتعالى، ولهذا يقول جل وعلا: ﴿قُلۡ أَرَءَيۡتُم مَّا تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُواْ مِنَ ٱلۡأَرۡضِ أَمۡ لَهُمۡ شِرۡكٞ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِۖ ٱئۡتُونِي بِكِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ هَٰذَآ أَوۡ أَثَٰرَةٖ مِّنۡ عِلۡمٍ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ [الأحقاف: 4]، ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٞ فَٱسۡتَمِعُواْ لَهُۥٓۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخۡلُقُواْ ذُبَابٗا وَلَوِ ٱجۡتَمَعُواْ لَهُۥۖ وَإِن يَسۡلُبۡهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيۡ‍ٔٗا لَّا يَسۡتَنقِذُوهُ مِنۡهُۚ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلۡمَطۡلُوبُ [الحج: 73]، ﴿قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ قُلِ ٱللَّهُۚ قُلۡ أَفَٱتَّخَذۡتُم مِّن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ لَا يَمۡلِكُونَ لِأَنفُسِهِمۡ نَفۡعٗا وَلَا ضَرّٗاۚ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلۡأَعۡمَىٰ وَٱلۡبَصِيرُ أَمۡ هَلۡ تَسۡتَوِي ٱلظُّلُمَٰتُ وَٱلنُّورُۗ أَمۡ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ خَلَقُواْ كَخَلۡقِهِۦ فَتَشَٰبَهَ ٱلۡخَلۡقُ عَلَيۡهِمۡۚ قُلِ ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُوَ ٱلۡوَٰحِدُ ٱلۡقَهَّٰرُ [الرعد: 16]، ولهذا وصف اللهُ جل وعلا المصوِّرين بقوله: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي» بمعنى: أَنَّه يُحاوِلُ أَنْ يُوجِدَ شَكْلَ ما خَلَقَهُ اللهُ، «فَلْيَخْلُقُوا حَبَّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً» وفي روايةٍ: «أَوْ لِيَخْلُقُوا ذَرَّةً» ([1]) لا أَحدٌ يستطيع هذا، ولو استطاع صناعةَ الصُّوَر لم يستطع إِيْجادَ الحياة فيها.

فالحياةُ هي من خلقِ اللهِ جل وعلا، لا أَحدٌ يستطيع، حتى لو صوَّر الصُّورةَ دقيقةً والشَّكْلَ لا يستطيع أَنْ يَنْفُخُ فيها الرُّوحَ، ويُوجِدُ فيها الحياة.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (5953)، ومسلم رقم (2111).