×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: والفكرةُ في الله بِدْعةٌ؛ لقولِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: «تَفَكَّرُوا فِي الْخَلْقِ، وَلاَ تَفَكَّرُوا فِي اللَّهِ». فإِنَّ الفِكْرةَ في الرَّبِّ تقدح الشَّكَّ في القلب.

**********

ولهذا سُئِلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ: «نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ» ([1]) وقال: «حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ» ([2]).

 يجب على المسلم أَنْ يتجنَّب التَّفكُّرَ في ذاتِ اللهِ عز وجل، والتَّفكُّرَ في كيفيَّةِ أَسْمائِه وصفاتِه وأَفْعالِه؛ لأَنَّ اللهَ جل وعلا يقول: ﴿يَعۡلَمُ مَا بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَمَا خَلۡفَهُمۡ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا [طه: 110] عليك الإِيْمانُ باللهِ عز وجل، وتعظيمُ الرَّبِّ سبحانه وتعالى دون أَنْ تفكِّر في ذاته وكيفيَّةِ أَسْمائِه وصفاتِه.

قوله: «لقولِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: «تَفَكَّرُوا فِي الْخَلْقِ، وَلاَ تَفَكَّرُوا فِي اللَّهِ»» ([3]) أَيْ: تفكَّروا في مخلوقات اللهِ وآياتِ اللهِ الكونيَّةِ تدلُّكم على قدرة الله:

فيا عجبًا كيف يُعْصَى الإِلَه **** أَمْ كيف يجحده الجَاحِدُ

وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ **** تدلُّ على أَنَّه واحدُ

فأنت تفكِّر في الآيات الكونيَّة من السَّماءِ والأَرْضِ، والجبالِ والأَحْجارِ، والأَشْجارِ، والبِحَار، والمخلوقاتِ، لتستدلَّ بها على عظمة الخالق سبحانه وتعالى، وتفكِّر في آيات الله القرآنية. أَمَّا أَنَّك تتفكَّر في ذات الله وكيفيَّةِ أَسْمائِه وصفاتِه فأَنْتَ لن تدرك هذا ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِۦ عِلۡمٗا.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (178).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (179).

([3])  أخرجه: أبي الشيخ في «العظمة» رقم (5).