×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: هكذا كان الدِّيْنُ إِلى خلافةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه الجماعةُ كلُّها، وهكذا في زمن عُثْمَانَ، فلما قُتِلَ عُثْمَانُ رضي الله عنه جاءَ الاختلافُ والبِدَعُ، وصار النَّاسُ أَحْزابًا، وصاروا فِرَقًا، فمن النَّاس مَن ثبت على الحقِّ عند أَوَّلِ التَّغْيير، وقال به، وعمل به، ودعا النَّاسَ إليه.

**********

قوله: قَالُوا: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي» هذا هو الطَّريقُ الصَّحيحُ، من كان على ما عليه الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وأَصْحابُه فهو الجماعةُ.

قوله: «هكذا كان الدِّينُ إِلى خلافة عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رضي الله عنه الجماعةُ كلُّها، وهكذا في زمن عُثْمَانَ» في حياة الصَّحابة والتَّابعين كان المخالفون مختفين مندسين بين النَّاس كالقَدَرِيَّةِ وغيرِهم، وذلك لقُوَّةِ الإِسْلام وقوَّةِ المسلمين، إِلى أَنْ دَسَّ اليَهُودُ رَجُلاً يهوديًّا من اليَمَنْ يقال له: ابنُ السَّوداء عبدُ اللهِ بنِ سَبَإٍ اليهوديِّ، فجاءَ إِلى المدينة وأَظْهرَ الإِسْلامَ في خلافة عُثْمَانَ رضي الله عنه، وجعل يَسُبُّ عُثْمَانَ في المجالس، لأَنَّه ادَّعَى الإِسْلامَ خُدْعةً، ثم أَخَذَ ينفث سُمُومَه في المجالس ويحضره السُّفهاءُ والأَوْغادُ والجُهَّالُ، وبعضُ النَّاس أَوْ كثيرٌ من النَّاس يهوون السَّبَّ والقيلَ والقالَ، فاجْتمعوا عليه، ولما فُطِنَ له وطُرِدَ من المَدِيْنَةِ، ذَهَبَ إِلى مِصْرَ، ووجد قَرْيَةً في مِصْرَ مشهورةً بالشَّقاقِ فانغمس فيها، ونشر سُمُومَه فيها، وسبَّ عُثْمَانَ، ثم في النِّهاية تكون منهم عصابةٌ معها سلاحٌ وقُوَّةٌ، فجاؤُوا إِلى عُثْمَانَ رضي الله عنه يعترضون عليه، ويُخْطِؤُونَه، فعُثْمَانُ رضي الله عنه أَجَابَهم ودَحَضَ شُبَهُهُمْ، ثم رجعوا، ثم تلاوموا في الطَّريق وقالوا ما عملنا شيئًا، ثم رجعوا على عُثْمَانَ رضي الله عنه وحاصروه في بيتِه، والصَّحابةُ أَرادوا أَنْ يدافعوا عن الخليفة ولكنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه نهى عن ذلك خشيةَ الفِتْنة، وخشيةَ سَفْكِ الدِّماءِ، نَهَاهُمْ عن ذلك على أَمَلِ أَنَّ المسأَلةَ


الشرح