×
إِتْحافُ القاري بالتَّعليقات على شرح السُّنَّةِ لِلْإِمَامِ اَلْبَرْبَهَارِي الجزء الأول

قال المُؤَلِّفُ رحمه الله: ولا يحلُّ دَُم امْرِئٍ مسلمٍ يشهد أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، ويشهد أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُه إِلاَّ بإِحْدى ثلاثٍ: زَنَا بعد إِحْصانٍ، أَوْ مُرْتَدٍ بعد إِيْمانٍ، أَوْ قتَل نفسًا مُؤْمنةً بغير حقٍّ فيُقْتَلُ به، وما سوى ذلك فدَمُ المسلمِ على المسلم حرامٌ أَبدًا حتى تقومَ السَّاعةُ.

**********

وفي قول لبعض المحقِّقين أَنَّ الثَّلاثَ بلفظٍ واحدٍ تكون طلقةً واحدةً.

والمسأَلةُ فيها خلافٌ طويلٌ، ولكنْ حَسْبُنا أَنْ نعلمَ أَنَّ الطَّلاقَ الثَّلاثَ يُحَرِّمُها، لا على التَّأْبِيْد، وإِنَّما يُحَرِّمُها إِلى أَنْ تنكحَ زوجًا غيرَه، ثم يُطلِّقُها، أَمَّا الدُّخولُ في الخلافيَّات فهذا لا يعنينا الآن.

وغرضُ المُؤَلِّفِ من إِدْخالِ هذه المسائِلِ في العقيدة -واللهُ أَعْلمُ-: أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ أَمْرَ النِّكاح أَمْرٌ مُهِمٌّ يجب العِنايةُ به، حسبَ الضَّوابط الشَّرعيَّةِ له، فلا يُتساهَل فيه وفي إِجْراءَاتِه، ولأَنَّ الكتابَ اسْمَهُ «شرحُ السُّنَّة» أَيْ: بيانُ السُّنَّة في كلِّ شيءٍ ومن ذلك مسائِلُ النِّكاح.

جاءَ بمسأَلةِ قَتْلِ المسلمِ بعد مسأَلةِ النَّكاح؛ لأَنَّ الإِسْلامَ جاءَ بحِفْظِ الأَعْراضِ وبحِفْظِ الدِّماءِ، وبحفظِ الأَمْوالِ، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» ([1])، وقال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» ([2])، فلمَّا تكلَّم عن الأَعْراض في الجُمَلِ السَّابقةِ بما يتعلَّق بالنِّكاح والطَّلاقِ؛ انتقل إِلى مسأَلةِ الدِّماءِ.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (67)، ومسلم رقم (1679).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (2564).