قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: ودعوا إِلى الفُرْقَةِ وقد نَهَى اللهُ عز وجل عن الفُرْقةِ،
وكفَّر بعضُهم بعضًا وكلٌّ دعا إِلى رَأْيِه وإِلى تكفيرِ من خالفه فضَّل الجُهَّالُ
والرُّعَاعُ ومن لا علمَ له، وأطمعوا النَّاسَ في شيءٍ من أَمْرِ الدُّنْيا، وخوَّفوهم
عقابَ الدُّنْيا، فاتبعهم الخلقُ على خوفٍ في دِيْنِهم، ورغبةٍ في دُنْياهم.
**********
قوله: «ودعوا إِلى الفُرْقةِ وقد نَهَى اللهُ عز وجل عن الفُرْقةِ» نهى
اللهُ عن الفُرْقة: ﴿وَلَا تَكُونُواْ
كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ
وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾ [آل عمران: 105]، ﴿وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ
أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ﴾ [البينة: 4]، فهُمْ
افترقوا لا عن جهلٍ وإِنَّما عن علمٍ.
قوله: «وكفَّر بعضُهم بعضًا» صارت
الفِرَقُ يكفِّر بعضُها بعضًا، هذه سِمَةٌ ظاهرةٌ عليهم، وهذا دليلٌ على أَنَّهم
على باطلٍ كلِّهم، أَمَّا أَهْلُ الحقِّ، وأَهْلُ السُّنَّةِ فلا يُكفِّرُ بعضُهم
بعضًا، وإِنَّما يوالي بعضُهم بعضًا، ويحبُّ بعضُهم بعضًا، ويتعاضدون ويتناصحون؛
وكذلك لا يُكفِّرُونَ الفِرَقَ الأُخْرى إِلاَّ مَن دلَّ الكتابُ والسُّنَّةُ على
كُفْرِهِ، وإِلاَّ فهُمْ معتدلون في مسأَلة التَّكْفير، لا يُكفِّرُون إِلاَّ ما
قام الدَّليلُ على كفرِه، ولا يستعجلون في هذا الأَمْرِ. قوله: «وكلٌّ دعا إِلى رَأْيِه وتكفيرِ من خالفه»
هذه سِمَةُ أَهْلِ الضَّلال، قال تعالى: ﴿فَتَقَطَّعُوٓاْ
أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡ زُبُرٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: 53]، ﴿زُبُرٗاۖ﴾ يعني: كُتُبًا،
يلفُّون كُتُبًا، وهذا واقعٌ، يلفُّون الكُتُبَ لنَصْرَةِ مذهبِهم وحِزْبِهم،
ويفرحون بما هُمْ عليه، هم لو كانوا على جهلٍ لرُجِيَ أَنَّهم يرجعون، لكنْ هُمْ
فَرِحُون بما هُمْ عليه من الباطل، ويعتقدونه حقًّا، وهذه عقوبةٌ من اللهِ لهم.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد