قال
المُؤَلِّفُ رحمه الله: واعلمْ أَنَّه لا يدخل أَحدٌ الجَنَّةَ إِلاَّ برَحْمَةِ الله،
ولا يُعذِّبُ اللهُ أَحدًا إِلاَّ بقدر ذنوبِه، ولو عَذَّبَ أَهْلَ السَّماواتِ والأَرْضِ
بَرَّهُمْ وفَاجرَهم؛ عَذَّبَهم غيرُ ظالمٍ لهم، لا يجوز أَنْ يقالَ للهِ عز وجل: إِنَّه
ظالمٌ، وإِنَّما يظلم مَن يَأْخُذُ ما ليس له، واللهُ له الخلقُ والأَمْرُ، والخلقُ
خلقُه، والدَّارُ دارُه، لا يَسْأَلُ عمَّا يفعل وهُمْ يُسْأَلُون، ولا يقال: لِمَ
وكَيْفَ؟ ولا يدخل أَحدٌ بينَ اللهِ وبينَ خَلْقِه.
**********
قوله: «واعلمْ أَنَّه لا يدخل أَحدٌ الجَنَّةَ إِلاَّ برَحْمَةِ الله»
الجَنَّةُ غاليةٌ ورفيعةٌ ولا تُدْرَكُ بالعمل، مَهْمَا عمل الإِنْسانُ ولو عمل
كلَّ الطَّاعات، فإِنَّ عملَه لا يقابل النِّعَمِ التي عليه، فلو حُوسِبَ على
النِّعَمِ لم يَبْقَ عنده عملٌ. هذه ناحيةٌ.
النَّاحيةُ الثَّانيَّةُ: أَنَّ الجَنَةَ غاليةٌ، وليس لها قِيْمةٌ مقدرةٌ
من الأَعْمال أَوِ المالِ أَوْ غيرِ ذلك، لا يعلم عظمها إِلاَّ اللهُ سبحانه
وتعالى، لكنَّ اللهَ يُدْخِلُ المؤمنين الجَنَّةَ برَحْمَتِه، بسبب أَعْمالِهم.
فالأَعْمالُ إِنَّما هي سببٌ لدخول الجَنَّة، وليست هي المُوجِبةُ لدخول الجَنَّة،
ولا ثَمَنًا للجَنَّةِ، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ» هذا من أَجْلِ
أَنَّ الإِنْسانَ لا يعجب بعملِه، لا لأَجْلِ أَنْ يتركَ العملَ، وقوله تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّىٰهُمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ
طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَٰمٌ عَلَيۡكُمُ ٱدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ بِمَا كُنتُمۡ
تَعۡمَلُونَ﴾ [النحل: 32] الباءُ ليست باءَ العِوض والثَّمن،
وإِنَّما هي باءُ السَّبيبَّة، أَيْ: بسبب ما كنتم تعملون، بدليل هذا الحديث: «لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْجَنَّةَ
بِعَمَلِهِ» قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
الصفحة 1 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد