فَقَالَ: «وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي
اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ» ([1]) فلا يعجب
الإِنْسانُ بعملِه، ولكن لا يدخل الجَنَّةَ إِلاَّ بسبب العمل، فلو لم يعملْ ما
دخل الجَنَّةَ؛ لأَنَّه ما أَتَى بالسَّبب.
قوله: «ولا يُعذِّبُ اللهُ أَحدًا
إِلاَّ بقدر ذنوبِه» الجَنَّةُ فضلٌ من اللهِ جل وعلا، وبرَحْمَةِ الله،
والأَعْمالُ سببٌ لدخلوها. وأَهْلُ النَّار لا يُعذَّبون إِلاَّ بذنوبِهم، لا
يُعذَّبون بذنوبِ غيرِهم، ولا يُعذَّبون بدون ذنوبٍ، وهذا من باب العدل،
فالجَنَّةُ مِن بابِ الفضل، والنَّارُ من بابِ العدل.
قوله: «ولو عَذَّبَ أَهْلَ السَّموات
والأَرْضِ بَرَّهُمْ وفَاجِرَهُمْ، عذَّبهم غيرَ ظالمٍ لَهُمْ» هذا كما سبق،
أَنَّ الإِنْسانَ مَهْمَا عملَ فإِنَّ عملَه لا يُقابِلُ بعضَ نِعَمِ الله عليه؛
فلو أَنَّ اللهَ عذَّبه كان ذلك عدلاً؛ لتقصيرٍ في شُكْرِ نِعَمِ الله عليه، وهذا
الكلامُ الذي ذكَره هو نصُّ حديثٍ عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ
سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ، لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ،
وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ» ([2]). لأَنَّ الفاجرَ
عذَّبه بفُجُورِه، والبَرُّ عذَّبه لأَنَّ عملَه لا يُؤَهِّلَه لدخول الجَنَّةَ
لأَنَّه لا يُقابِلُ نِعَمَ اللهِ عليه.
قوله: «لا يجوزُ أَنْ يُقالَ للهِ عز وجل: إِنَّه ظالمٌ» اللهُ جل وعلا نَزَّهَ نفسَه عن الظُّلْمِ، ﴿مَّنۡ عَمِلَ صَٰلِحٗا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَآءَ فَعَلَيۡهَاۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّٰمٖ لِّلۡعَبِيدِ﴾ [فصلت: 46]،
([1]) أخرجه: البخاري رقم (5349)، ومسلم رقم (2816).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد