وقَصْدهم من هذا إفسَاد
العَقِيدة وإن كَانوا يَتَظَاهرون أن قَصْدَهم تنزيهُ اللهِ جل وعلا عن مُشابَهة
المَخلوقين، وهذا زعمٌ باطلٌ؛ فإن صِفات الربِّ سُبحانه لا تُشْبِه صِفات
المَخْلُوقين، الربّ جل وعلا له أسماءٌ وصِفات تَلِيق به وبعَظَمَته،
وللمَخْلُوقين أسماءٌ وصِفَات تَلِيق بهم وببَشَرِيَّتِهم.
فلا تَشابُهَ بين النَّوْعَيْن من جِهة الحَقيقة والكَيْفِيّة، وإن كانتْ
تَشْتَرِك في المَعْنى واللَّفظ، وهَذا ما يُسمَّى بالمُتواطِئ، لكنها لا تَشترك
في الحَقيقة والكَيْفِية: هذا هو مَذهب أهلِ السنَّة والجَماعة، ودليلُهم على ذلكَ
من كِتاب اللهِ: ﴿وَإِنۡ أَحَدٞ
مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ٱسۡتَجَارَكَ فَأَجِرۡهُ حَتَّىٰ يَسۡمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ
ثُمَّ أَبۡلِغۡهُ مَأۡمَنَهُۥۚ﴾ [التوبة: 6] أضافَ الكَلام إلى نَفْسه سبحانه وتعالى،
وقالَ في المُنافقين: ﴿يُرِيدُونَ أَن
يُبَدِّلُواْ كَلَٰمَ ٱللَّهِۚ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمۡ قَالَ ٱللَّهُ
مِن قَبۡلُۖ﴾ [الفتح: 15] أضافَه إلى نَفسه، والأدلّة من السنَّة
ومِن إجماعِ الأمَّة كثيرةٌ على هَذه المَسْألة.
فهي مَسألة يقينيةٌ بلا شَكٍّ، ولا يؤثِّر فيها اختلافُ أهلِ الضَّلال، بأن
القُرآن كَلام اللهِ، وهو فَرْد من أَفْراد كَلامه سُبحانه، اللهُ يتكلَّم ولا
يَزال يتكلَّم مَتى شاءَ، إذا شاءَ، بما شاءَ، مَوصوفٌ بالكَلاَم.
وهذا القُرآن مِن أفرادِ كَلام اللهِ، تكلَّم بالتَّوْرَاة، وبالإنجِيل،
وبالزَّبُور، يتكلَّم بالأمرِ والنَّهْيِ، يقولُ للشيءِ: كُن فيكُون ﴿إِنَّمَآ أَمۡرُهُۥٓ إِذَآ
أَرَادَ شَيًۡٔا أَن يَقُولَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ﴾ [يس: 82] فأثبتَ
لنَفْسِه القَوْل، ﴿إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ
يَٰعِيسَىٰٓ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ
يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ﴾ [آل عمران: 55]،
الصفحة 1 / 260
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد